أن يدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس القيادة الفلسطينية إلى التفتيش عن رئيس للسلطة الفلسطينية خلال عشرة أيام، يعني ذلك أن أبا مازن وصل إلى طريق مسدود.
ليس قراره ـ إن كان جادا ـ يعود فقط إلى التحركات الشعبية التي تصاعدت في الآونة الأخيرة في الضفة الغربية، احتجاجا على الأوضاع المعيشية التي باتت لا تحتمل، وسط تصاعد الحديث عن فساد داخل مؤسسات السلطة، وإنما يعود لعوامل أخرى، يأتي في مقدمتها المراوحة السياسية والحلقة المفرغة التي وصلت إليها التسوية التي أنتجتها أوسلو.
في كلتا الحالتين المسؤولية مشتركة بين قيادة السلطة وإسرائيل، وثالثهما رعاة التسوية في المنطقة وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وإذا كانت المسؤولية مشتركة، إلا أنها غير متساوية. فالسلطة التي حصرت اهتمامها في كيفية تأمين رواتب الموظفين، باتت أسيرة الجانب الإسرائيلي، الذي بيده الأموال المجباة من الضرائب، وهي بالتالي غير قادرة على إغضابه، كي لا ترى صفوف الموظفين متهالكة على أبواب المسؤولين، فتحولت السلطة ساعتئذ إلى جابٍ لا هم له سوى إيصال الرسائل المالية مع ما يكتنف ذلك من "تسرب" لأموال الشعب الفلسطيني في جيوب المنتفعين.
غضب الرئيس عباس مبرر أيضا لناحية العراقيل الإسرائيلية والصمت الأميركي تجاه الحنث بالوعود. فإدارة الرئيس أوباما لم تف بما تعهدت به. فلا الدولة الفلسطينية رأت النور، ولا حتى العضوية في الأمم المتحدة متاحة. كل ما هو متاح أن تبقى الأمور على ما هي عليه فلسطينيا، فيما إسرائيل توسع مستوطناتها، وتعتدي على المقدسات، وتؤسس لدولتها الدينية.