قبل يومين فقط عرفت أن هناك كلية علمية في الرياض اسمها "كلية المعرفة"! تنوع أكاديمي جميل، وكليات وجامعات جديدة، ومئات الآلاف من المبتعثات والمبتعثين، وملايين الطلاب السعوديين على مقاعد الدراسة في الجامعات المحلية والمعاهد والكليات، وفي مقابل هذه الطفرة العلمية طفرة أخرى تتمثل في ازدياد عدد العاطلين عن العمل.
"حافز" سينتهي، ثم يعود مئات الشباب المتشوقين لأي مكافأة مالية تغنيهم التفكير برسم مستقبل وتأمينه، هؤلاء الشباب الذين حتى وإن جدوا واجتهدوا وتعلموا، سيمرون يوماً أمام بعض المشاريع العملاقة القائمة الآن، ليشاهدوا الخبرات الأجنبية تتربع وتتربص بالوظائف، وكل مدير يأتي بعشيرته وأهله، ويبقى السعودي مأمورا في القطاع الخاص أن يتدرج ليس بالكفاءة، بل بمزاج القائد فيه ومحاباته.
وزارة العمل الآن تعمل جاهدة على إتمام برنامج السعودة، لكن هذه البرامج ليست كافية ولن تكون. حتى لو تم القضاء على مسألة التوظيف الوهمي، فإن مسألة تهميش حقوق الشباب في القطاع الخاص لن يتم حلها عن طريق وزارة العمل أو برامجها. بشكل عام، لا يمكن أن يوضع اللوم على وزارة العمل فقط، بل على جميع الوزارات المرتبطة بالشباب وتعليمهم وتأهيلهم، بدءا من التربية والتعليم ومرورا بالتعليم العالي وانتهاء بوزارة الثقافة والإعلام، التي يتطلب منها أن تسهم في تنمية ثقافة العمل لدى الشباب من خلال ضخ إعلامي تحفيزي لقصص ومبادرات شبابية، ودعمها إعلامياً باستعراض قصصهم وتجاربهم، بدلاً من إجراء المقابلات مع "هوامير التجارة" ليعيدوا علينا كل عامين أو ثلاثة عبر الشاشة كيف وصلوا إلى المليارات! أهل الآلاف يريدون تنمية آلالافهم، ولا يريدون تسييل لعابهم. ولعل اللعاب الذي ينبغي أن يسيل هو من شاب يشاهد إعلاناً للتوظيف في صحيفة محلية دون شرط تعجيزي، إما خبرة 10 سنوات، أو إجادة ما لا يمكن إجادته، حتى إن الشرط الذي قد يضاف هو "ويجيد عمل الشاي"!
باختصار، وزارة العمل لن تعمل وحيدة وليست مسؤوليتها فقط، لكن الوزارات مشغولة بتعدد المهام، وتبقى المهمة المتكررة: "تشكيل لجنة لحل مشكلة البطالة"!