ليس هناك أشد خطراً على الدين ممن يتطرفون بالإيمان به، ولن يهدأ المتشدد تجاه ما يعتقده حقاً خالصاً حتى يحول هذا الكون لحفلة من قطف الرؤوس المختلفة عنه، وحرب شاسعة لا تنتهي بموت الأبطال ولا جنودهم. بالطبع هو يعتقد أن ما يحدث ليس إلا قدراً محتوماً، وواجبا يمارس فيه تهديد حياة الآخرين لأنهم لا يدينون بما يدين هو.. كيف كان شعورنا ونحن نشاهد مقطع ركيك ودبلجة بدائية.. يشبه شيئاً ينتمي لعصور السينما الجاهلية، يقوم فيه مخبول بالسخرية من مقدس دين آخر.. كيف كانت ردة فعلنا؟ هل آمنا أن التطرف - بأي دين - هو أسوء ما يرتكبه الإنسان، أذية لا يمكن بها أن يكون العالم أكثر سلاماً، وأقل خوفاً؟ كم من السنوات يلزم السادة القتلة حتى يتركوا العالم يتنفس دون أن يخنقوه؟ أن يجدوا مكاناً آخر يطحنون فيه صراعاتهم لجمع أكبر عدد من الأتباع والسيطرة عليهم، فإن كانت قيم الحياة لديهم بآخر متطلباتهم فهي للآخرين المغلوبين على أمرهم أولوية لا يمكن تهميشها.. هل تعتقد يا أخي المتأمل بهذا الكوكب أننا سنسلم؟ أو أن أعمارنا ستتكرر مرتين؟! لن يحدث ذلك.. صراع من يعتقد أنه الخير وأن البقية هم الشر سيستمر، وكلمات السلم أضعف من آلات قتل يمتطيها مهووس لا يقتنع بأن البشر بهذا العالم لا يمكنهم أن يستنسخوا بعضهم حتى يرتاحوا من إلحاحه المميت، وقدرتهم التي لا تكل منذ مئات السنوات لن تقرر فجأة أن تتوب، أو أن يقفوا دون ترتيب ليتفقوا على أنهم تعبوا من ذلك.. وسيستمر الحمقى بكل الأديان التي يشوهونها بضمان استمرار حالة العداء، فما يحدث اليوم سيكون تاريخاً يرجع له متطرفو المستقبل ليجعلوه تحت بند "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".. دولاب لا يمل من فعل الماضي، حتى يرث الله الأرض أو يقدر أن ارتطام كوكب ضخم بها قد حان وقته.