د. منصور الطبيقي
الخدمات الصحية هي من أهم احتياجات المواطن الأساسية التي تتباهى الدول في مدى جودة تطبيقها ورضا المستفيدين عنها.
ولا ينكر إلا جاحد ما قدمته دولتنا أعزها الله من دعم غير محدود للقطاع الصحي، ممثلا في إنشاء مدن طبية جديدة ومستشفيات تخصصية ومرجعية في كافة مناطق المملكة، وتزويدها بالكوادر المؤهلة والمدربة. ولكن هل كان هذا الدعم المقدم يوازي ما هو متواجد على أرض الواقع من خدمات طبية تلامس احتياجات المواطنين؟ أعتقد أن الإجابة السريعة التي سوف تتبادر إلى ذهن شريحة لا بأس بها من الناس هي لا، ولا هذه يمكن أن تعلل بعدة أسباب، منها تباعد فترة حجز مواعيد العيادات في المستشفيات، وعدم وجود أسرة شاغرة، وعدم الرضا عن الخدمات الطبية أو التمريضية أو حدوث الأخطاء الطبية.
قد تكون بعض هذه الأسباب صحيحة وتدعو إلى عدم الرضا عن الخدمات الصحية، ولكن في خضم ثورة البناء التي يخوضها الوطن الحبيب من أجل رفع وتحسين وتجويد كل ما يقدم للمواطن على هذه الأرض وما يحقق رفاهيته كما وجه بذلك قائد الوطن، لذا وجب علينا أن نقف يدا واحدة نشد أزر بعضنا البعض لتحقيق هذا الهدف العظيم.
إن الإعلام بشكل خاص رافد وداعم كبير لهذا التوجه السامي، وذلك بالمساعدة في تسليط الضوء على أوجه القصور والخلل، وفي ذات الوقت إبراز الإنجازات ومكامن التفوق والإبداع. ولكن بعض التعاطي الإعلامي في الفترة الأخيرة مع الشأن الصحي والخدمات الطبية في وجهة نظري شابه الكثير من السلبية، فليس من المجدي وليس في مصلحة أحد أن تهتز ثقة المواطن في الخدمات الصحية المقدمة في وطنه، بالصفة التي تجعله يتخوف من أي إجراء طبي في المستشفيات الحكومية، أو تؤثر على نفسية وإنتاجية الكادر الصحي في الجانب الآخر.
الصحافة هي مرآة المواطن، ولها الحق في نقد أوجه القصور إن وجدت، ولكن بحكمة وموضوعية، وبالابتعاد عن الإثارة وهذا هو الأهم.
يحق للصحافة أن تسلط الضوء على أوجه القصور، ولكن بأسلوب حصيف وهادف لا يستهدف مؤسسات بعينها ولا أشخاصا بعينهم، حتى لا يعطي انطباعا للجانب الشخصي للموضوع. فماذا يستفيد المواطن إذا تزعزعت ثقته في مستشفى كبير ـ مثلا ـ يخدم شريحة كبيرة من الأطفال ويولد به الآف الأمهات سنويا؟ وكيف ستكون نفسيات العاملين في هذا الصرح العتيد الذي عالج ولم يزل العدد الأكبر من هذه الفئة المستهدفة على مر السنين؟
للصحافة دورها العظيم، وهي صوت المواطن، وهي سلاح ذو حدين في نفس الوقت.