تماما، ومثلما فعلت هذه (الوطن)، احتفلت (الغارديان) البريطانية بدخولها نادي الخمس الأول من صحف الكون ووضعت رقمها التصنيفي على واجهة موقعها الإلكتروني. ومثلهما فعلت (الأهرام) منتشية بصدارتها لكل صحافة العرب في ذات التصنيف وهي بالفعل تستحق. دعونا نتجاوز فرحة الاحتفال لنذكر الإخوة الزملاء بأن مفاجأة هذا التصنيف قد وضعتهم في موقع التحدي لا في فترة الزهور والركون والاسترخاء. على كرسي الورطة لا على أريكة الفرحة، وإذا ركنوا أنهم في الموقع العربي الثاني بين الصحافة الورقية فإنهم في المركز 120 عالميا وهو أمر لا يليق بمتصدر في أوساط اللغة الخامسة بين لغات الأرض، عليهم أن يتذكروا أن التصنيف خاص بالإقبال الإلكتروني على موقع الصحيفة الورقية، عليهم أن يتذكروا أن الفضل الأول لهذا الانتصار الضخم يعود إلى إقبال الجمهور لا إلى جهد المنسوبين وإن كان الفصل ما بين الطرفين بالغ الصعوبة، عليهم أن يتذكروا أن هذا التصنيف المدوي والمفاجئ بالفعل قد جاءهم كهدية هائلة في وقت يحتاجونه بالفعل وبدلا من أن يركنوا إليه كمعامل ثقة، فإن عليهم أن يتخذوه معامل دفع إلى الأمام والمستقبل، عليهم أن يدركوا أن غيرهم سيدخل المنافسة بشراسة في الجولة القادمة من ذات التصنيف مثلما عليهم أن يدركوا أيضا نصيحتي بأن المنافس يدرك أن اللعبة نفسها بسيطة وإن كانت أدواتها مكلفة ومعقدة، عليهم أن يؤمنوا أن (وطن) الأمس، ليست (وطن) الغد وأن يقرروا الفوارق ما بينهما بأنفسهم بمزيد من الجرأة المسؤولة وبالإرادة البسيطة الأهم: أن يقرؤوا كل الصحف ثم يقرروا أنهم صحيفة مختلفة. اختلافهم هو معيار الميزة الوحيدة وإذا فقدوه فإن لهم أن يدركوا أنهم يدخلون في طابور من دائرة مقفلة لا يوجد فيها آخر من أول.
ومن قلب الوطن أحدثكم: أتعرفون لماذا كانت هذه المفاجأة المدوية؟ لأن هذه الوطن تقطف ثمار الإحلال والانكسار والتغيير الدرامي بدلا من أن تكون ضحية تلقائية له، لأنها تبدل وجوهها مثلما تتبدل وجوه (الأساتذة) على الفصل الدراسي الثابت وتأخذ من كل (أستاذ) عصارته المختلفة من حصة من سبقه، لأن كل وجه جديد يأتي للحصة يسعى لمجده الشخصي وفي ذهنه سباق الماراثون مع سابقيه، وحتى وإن تحول الماراثون إلى سباق للمسافات (القصيرة) فقد وصلت هذه الوطن لهذه النتيجة.