المفك، تلك الأداة التي كانت بطلة حادثة تعنيف إحدى المواطنات العام الماضي، والتي أثارت الرأي العام، ومن ثم خبت وانتهت بتنازلها كما جرت العادة لدينا في قضايا تعنيف النساء. من كان يظن أن أداة كالمفك، والتي تعتبر من أهم الأدوات في أي عدة منزلية أو حرفية، ستكون الوسيلة لحرق جسد امراة وإدخالها المستشفى، لتخرج وتعود لحارقها، ويعود نعام القانون والحقوق والشؤون الاجتماعية لدس رؤوسهم في التراب؟!.

العدة الوطنية تحوي من الأدوات الكثير، بعضها مفيد وفاعل وبعضها لا نعلم ما هيته وفيم يستخدم؟ وبعضها لا يستخدم إلا لغرض موقت ومن ثم يعود ليرمى في حقيبة العدة لحين الحاجة لاستخدامه، حتى ولو كان استخداما خاطئا. المرأة السعودية تعد من أبرز أدوات العدة الوطنية، والتي غالبا وما زالت تستخدم بشتى الوسائل والأشكال، حتى الخطر منها، لأن من يستعملها ركن لفكرة أنها آمنة وأنه ليس باستطاعتها صعق من يخطئ استخدامها.

المرأة السعودية، هي تلك الأداة التي لا يعلم الكثير عنها سوى ما يقول عنها مستخدمها كأداة، فهي تارة أداة فاعلة للبناء والتطوير كمعلمة وطبيبة وغيرها، وتارة أداة مجذومة لا يجب الاقتراب منها. هي أداة تمثلنا خارجيا، متى ما دعت الحاجة، وتُغيب داخليا، إلا إن دعت الحاجة، لإظهارها وتقاذفها على ساحات معارك التيارات المتناحرة ومن ثم رميها مجددا بأعماق العدة.

المرأة السعودية هي نصف مجتمع مغيب، سيتم تمثيله قريبا في مجلس الشورى، ومعه يتم طرح العديد من الأسئلة عن ماهية المرأة لدينا. هل سيتم طلب موافقة ولي الأمر كشرط لقبول الترشيح لعضوية مجلس الشورى كأي وظيفة أخرى؟ ماذا عن العضوات؟، على سبيل المثال، صاحبات قضايا الخلع والحضانة والنفقة، هل سيتم استبعادهن أم سيتم تمثيلهن بشكل مغاير لطوابير النساء في المحاكم بانتظار أن يرفق بهن القاضي بعد سنوات انتظار؟ هل سيتم طلب إصدار تصريح سفر من قبل أولياء أمور العضوات في حال تطلب سفرهن للاجتماعات البرلمانية عالميا؟ وهل سيكون المحرم شرطا لا يتم صرف بدل الانتداب في عدم تواجده؟ ماذا سيحصل في حال تعرضت إحدى العضوات للتعنيف؟، هل سيكون هناك قانون مغاير ل (اللاقانون) الحالي؟ هل سيتم إيداعها في إحدى الدور الاجتماعية وكأنها المذنبة وترك معنفها طليقا؟ هل سيتم قبول بطاقة الأحوال الشخصية للعضوات في الوزارات والدوائر الحكومية أم سيطلب منهن إحضار معرف للتحقق من هويتهن؟ هل ستمنح العضوات حق التنقل استثنائيا؟ هل ستتم حماية العضوات من حملات الحركيين وتجريمهم حتى لا يتعرضن لما تتعرض له بنات جلدتهن في الوظائف الأخرى؟ ما الضمانات لعدم تعرضهن للتمييز والعنصرية المبطنة في الإجراءات والمهام والصلاحيات والمناصب كما تتعرض لها نظيراتهن في مرافق الدولة الأخرى؟ ما الضمانات لعدم انتهاك كرامتهن واستخدامهن كحطب يذكي نار خطاب الكراهية المحتدم والمستمر كما حصل للمواطنات اللواتي شاركن في الأولمبيات الأخيرة؟

أسئلة عديدة والقائمة تطول، كلها تصب في ماهية وجود المرأة السعودية كمواطنة كاملة الأهلية. هذه الأسئلة تشير لمجرد أداة يتم استخدامها أحيانا لربط أجزاء صورة وطنية، وأحيانا كفزاعة متنقلة بين أيدي رعاع المجتمع. حقوق المرأة السعودية بين مطرقة ضعف القانون وسندان أسطورة المشيئة المجتمعية، وهذا ما جعل منها أداة صدئة مهترئة وسلاحا لا يعلم متى ينقلب على صاحبه.

قد يساهم انضمام المرأة لعضوية مجلس الشورى في طرح هذه الأسئلة تحت قبة المجلس، وهو ما فشلت فيه الدورات المنصرمة، ولكن على الجانب الآخر، المشاركة بدون إجابات للأسئلة وبدون حقوق مكفولة هي مشاركة سيكتب لها الفشل قبل أن تولد. وكما نعلم فإن فشل مشاركة المرأة في مجلس الشورى هو حلم مراد لأصحاب العدة الوطنية والأيدي الخاطئة.