بعد أحداث مقتل سفير أمريكا في ليبيا، وأحداث القاهرة، تعتقد أمريكا أن الأمر غريب، حيث إن الدستور الإمريكي لا يجرّم أيّ تطاول على أي معتقد كان، ولعل الأمر يختلف عندما يصدر ما يستفز الشعوب من أرضها بحجة الحرية. الحرية لا تعني الانسياق في الاعتقاد بأن على الآخرين أن يتفهّموا دستورا يسمح بالحرية المطلقة حيال المعتقدات، ومن هنا جاءت دهشة وزيرة الخارجية، فالغرب غرب، والشرق شرق ولا يلتقيان. إن التماس مع المعتقدات أمر صعب وحساس ولا بد من إدراكه وهو مفقود في السياسة سواء الأمريكية أو الغربية وإلا لماذا لم يصدر من روسيا أو الصين أي محاولة للنيل من الإسلام بحجة الحرية؟ وخلال فترة الاستعمار البريطاني في الدول الإسلامية لم يكن هناك أي محاولة استفزازية دينية ربما لإدراك بريطانيا وهي المتمرسة باستعمار الشعوب، وبرسلها من المستشرقين بأن هناك تجاوزات غير مسموح بها وخطوطا حمراء في التعامل مع الثقافات المختلفة يجب احترامها، فالحرية لا تعني أن تؤذي الآخرين وفي المقابل التطرف والتحريض على العنف لا يعني حرية التعبير وعلى الدول الإسلامية الاقتداء بما فعله اليهود وذلك بإصرارهم على تطبيق قانون (الهولوكست) الذي صدر في النمسا في أعقاب الحرب العالمية، وهزيمة النازية بقيادة هتلر، فيجب علينا أن نسعى بكل قوة لاستصدار قانون يجرم الإساءة إلى الأديان السماوية ومنها الإسلام كما حصل في قانون المحرقة، والجميع يعلم بأمر المهندس الفرنسي رينوار المسجون، كونه أنكر المحرقة اليهودية، وأيضا منذ سنوات المؤرخ البريطاني دايفد ايرفنغ وكل ذلك طبقا للقانون وكل من ينكرها يكون تطبيق القانون عليه أيضا بالسجن مدة أقصاها عشر سنوات، وهاهم الأرمن يسعون إلى استصدار قانون بحق ما يعتقدون أنها إبادة بحقهم ضد تركيا.
إن تكاتف الدول الإسلامية وتوحدها في استصدار مثل هذا القانون سوف يقطعان الطريق على أي تطاول وسيمنعان أي حجة يتخذها أحد لتشويه الإسلام، لأنه عندما يستفز الشارع الإسلامي ومعظمه من الشباب المتحمس لدينه وعقيدته فمن الصعب عليه أن يقف متفرجا وهو لا يرى أي عقاب يطال من يتطاول ويسيء إلى القرآن الكريم وإلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يلام العالم الإسلامي إن غضب، أما حكومات العالم الإسلامي فكان عليهم أن يتعاملوا مع هذه الإساءات منذ بدايتها ويقطعوا دابر كل من تسول له نفسه أن يتعرض إلى ديننا ومقدساتنا بسوء، ويكون ذلك في الاتفاق فيما بينهم والعمل الجاد لاستصدار قانون عالمي يحترم العقيدة ويجرم الطعن في الرموز الإسلامية، وغيرها من الديانات السماوية. فذلك الذي تستوعبه الشعوب والثقافات الأخرى.