معظم قنوات الشعر الفضائية، جاءت هشة المضامين، لسبب واحد ووحيد، وهو أنها انتقلت من الأرض إلى السماء بنفس العقلية الأدبية، وبنفس الذوق الأدبي، ولم يحدث شيء إطلاقا، سوى أن المجلات والصفحات الشعبية، طارت في السماء وصارت قنوات.

سيدة هذا التدني والهشاشة، ورائدته وقائدة لوائه إلى الفضاء، هي قناة الساحة، حيث إنها الأولى في هذا المجال، ولهذا ظهر تخبط الصحافة الشعبية واضحا فيها، وهو ذات التخبط الذي لم تسلم منه مثيلاتها اللاحقات.

التخبط الذي أعنيه، في قناة الساحة وأخواتها، هو تدني المستوى الثقافي لمُلاك الفضائيات الشعرية تلك، فهم لا يعرفون ما الفرق بين قناة تلفزيونية متخصصة، وبين مجلة شعبية، وأغلبهم من ذوي الشهادات العلمية المتدنية، لهذا أظهروا في القناة ما يظهرونه في المجلة، وسياستهم في القناة، هي نفس سياستهم في المجلة، سياسة القص واللصق.

كل القنوات الشعرية الفضائية، ليس فيها ابتكار، وليس فيها مهنية إعلامية، وليس فيها تخصص علمي، في عمليات التصوير والإخراج، وحتى في "اللستة" البرامجية والإعداد.

أديروا الريموت كنترول، على الفضائيات الشعبية، واحدة واحدة، وستجدون حجم التشابه المضحك، وغياب التمايز فيما بينها، لأن العقلية واحدة، والمجلات التي طارت في السماء واحدة، والشهادات العلمية واحدة.

كليبات ليس فيها فن، وأمسيات شعرية ليس فيها شعر، وبرامج حوارية مضحكة في مستواها المهني، ومزاين إبل تعيدنا إلى عصر الخيمة والتمر واللبن، ومسابقات شعرية مليونية، تجارية الطابع، "هياطية" المضمون، ابتزازية الفكر، لا يهمها الفكر بل المال.

القنوات الشعرية لا تسيء إلى الشعر والفكر والأدب فقط، ولا تسيء إلى ثقافتنا وذوقنا العام أمام الآخرين، بل تسيء إلى سمعة الأقمار الصناعية، وتسيء إلى الفضاء.