الذين ذهبوا إلى مكتب معالي وزير التعليم العالي لوقفة احتجاج على ما رأوه اختلاطا في جامعة الأميرة نورة ما بين الطالبات وأعضاء هيئة التدريس سيبقى لهم أجر الاجتهاد وفضل النوايا وإن فاتهم فهم الواقع وطرح الحلول. وفي البدء أعترف أن المعلومة عندي ناقصة: لا أعرف ما إذا كان أساتذة الجامعة يجولون في الممرات والقاعات مع الطالبات أو يحضرون من باب منفصل إلى قاعة التعليم أو أنهم يحاضرون عبر الدائرة المغلقة لأن لكل طريقة من تلك فهما مختلفا نابعا من التصور. وسنعود إلى جملتي الابتدائية في فهم الواقع وطرح الحلول. وإن كان بيننا من لا يعلم هذا الرقم، فإن الساعة الأولى من يوم السبت، ما بين الثامنة والتاسعة، في بنية التعليم العالي للبنات تفتح ثلاثة آلاف قاعة دراسية في عموم المملكة وبالطبع رقم مماثل من أعضاء هيئة التدريس. نحن بهذا الرقم الحقيقي نتحدث عن ساعة واحدة، لا عن يوم ولا أسبوع، وللعلم فإن بنية التعليم الجامعي للبنات تضم اليوم رقماً يقل بسيطاً عن عشرين ألف أستاذ (ة) جامعي. الذين يتحدثون عن (تأنيث) كامل لهذا الرقم الخرافي إنما يبيعونكم وهماً هائلاً كامل الاستحالة إلا إذا لم يكن لديهم فوارق ما بين الجامعة والمدرسة الابتدائية. وبما فيها جامعة الأميرة نورة، فإن لدينا اليوم 24 جامعة سعودية تفتح أبوابها للبنات في كليات الطب وطب الأسنان، ومرة أخرى فإن أي حديث عن (تأنيث) مكتمل لمواد التشريح وسنوات الدراسة الإكلينيكية والسريرية والتطبيق الميداني لذات المواد في أجنحة المستشفيات إنما هو بيع للوهم كامل الاستحالة. الحصول على طاقم (مؤنث) في بضع وعشرين جامعة لآلاف الطالبات ومئات الشعب الدراسية وعشرات التخصصات مجرد بيع للكلام، وأرجو للإخوة الناصحين أن يسألوا كلماتي ليمتحنوها من أقرب متخصص لديهم وحولهم ليحاكموا بعدها رؤيتي حول ما كتبت.

سأراهن أنهم سيكتشفون أنني صادق في طرح هذه الحقائق التي يزينها بالتزييف كل من يدفعهم إلى حشو كلام مضلل. كنت أفهم، وسأتفهم لو أن هؤلاء الناصحين المحتسبين عارضوا كثافة التعليم الجامعي الأنثوي الذي أدى لما رأوه ورطة أفضت إلى الحاجة للأستاذ الجامعي المذكر وكنت سأتفهم لو أنهم احتجوا في وجه التعليم العالي الأنثوي للعلوم الطبية والتطبيقية. ومرة أخرى يمكنهم (الاستعانة بصديق) لامتحان ما قلت. وكي نقبل احتسابهم فإن علينا أن نلغي نصف التخصصات الجامعية وأن نبقي النصف الآخر في البيوت.