نقدر للمدارس الخاصة التي فتحت لديها أقساما للتربية الخاصة، ونقدر أيضا أن التكاليف عالية على المؤسسة التعليمية التي تتخذ مثل هذه الخطوة، كما نتمنى على وزارة التربية والتعليم أن تسهم في التكاليف بحيث لا يدفع الأهالي إلا مبالغ رمزية طالما أن هذا حق ضمنته لهم سياسة المملكة للتعليم، ولكن بما أنه لا يوجد إلى الآن في غالبية مدارسنا قسم للتربية الخاصة يجب أن نقوم كأولياء أمور لهذه الشريحة بدورنا في تعريف معلم أو معلمة التلميذ في بقية المدارس بكيفية التعامل معهم، ربما هي ليست كل ما يجب أن يقدم، ولكن تبقى خطوة قد تجد قبولا لدى معلم الصف، فيمد يده للمساعدة في تفهم حالة الابن، ومعاً نساعده على التعلم والنمو حسب قدراته ومهاراته. إنها ليست صعبة طالما أننا أفضل من يعرف بحالة الابن وكيفية التعامل معه، لم لا نوصل هذه المعلومات إلى من يحتاجها لتفهم الحالة والاطلاع على أسرع السبل للوصول إلى أفضل النتائج؟
لنبدأ بإرسال ما لدينا بخطاب رقيق ودقيق يأخذ بيد المعلم ليأخذ بدوره بيد الإبن، الفكرة أخذتها من خطاب على الإنترنت لأم تلميذ ينتمي لشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة، كتبته لمعلمة ابنها، طبعا ابنها أجنبي وابننا عربي، ولهذا ستلاحظون أنني فضلت أن أختار له اسم يعرب، وربما أيضا لأن ما يجري اليوم لأمتنا العربية يثقل على قلبي أسى وحزنا، وأرغب في ترديد أي كلمة تذكرني بنواة هويتنا، رغم كل ما يمر بنا من التحديات اليومية، تبقى هي أكبر وجع وأعمق جرح. حضرة الأستاذ الفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنتظر بفارغ الصبر لقاءنا الأول بشأن الابن يعرب لكي نتعرف على بعضنا بعضا بشكل أفضل، لأنني أعلم أن هنالك الكثير مما تجب مناقشته كي نتعاون معاً على تمهيد طريق تعلم ابنكم وابني يعرب، ولكن إلى أن يأتي هذا الوقت سوف أعرض عليك بعض الأفكار لتساعدك على التقرب ومعرفة الابن يعرب أكثر.
إن يعرب شخص طيب، لا يفكر أبدا في أذية أي أحد، أو تحطيم أي شيء عمدا، على العكس هو عنوان للمحبة والتعاون، ولا يسأم من تقديم المساعدة مهما تكرر الطلب منه، ومن خلال تعامله مع الأجهزة الإلكترونية والتعامل مع البرامج التعليمية والترفيهية، وجدنا أنه سريع التعلم، بل إنه يطور معرفته وحده بعد إجراء تجارب قليلة، ولكن تبقى تلك القيود التي كتبت عليه من رب رحمن رحيم، وبعد تشخيص حالته وجد أنه مصاب بتأخر بسيط في التواصل الاجتماعي، وصعوبات في النطق، والفرط الزائد في الحركة مع صعوبة في التركيز، كل من هذه الصعوبات وحدها يمكن التعامل معها بسهولة، ولكن حين تتجمع في شخص واحد يكون التحدي ليس بالسهل لا له ولا لأهله، وطبيعي لكل من يجد نفسه في إطار التعامل معه.. إن ليعرب حساسية شديدة لأي تغيرات أو تحولات في البيئة المحيطة به، فهو ينتج أكثر حين تكون الأمور منظمة وعلى وتيرة واحدة، لأن أي تغيير مفاجئ يشعره بالقلق والخوف ويتراجع ويرفض التعاون، ربما تكون قد أعلنت عن تغير، ولكن شيئا ما حول انتباهه ولم يسمع عن التغيير، ثم إن يعرب يجد صعوبة كبيرة في فهم القوانين والتوجيهات خاصة المركبة أو المعقدة منها، بحيث لا يستطيع أن يجزئها، فإن رغبنا له أن ينجز فحبذا لو تم إعطاؤه كل جزء على حدة إلى أن يتم الإنجاز، فهو قادر ولكنه يحتاج مساحة ووقتا وقليلا من المجهود والتفهم منا، إضافة إلى أن أي حركة أو صوت أو ضوضاء في الخلفية يمكن أن تشتت انتباهه ولا يكمل متابعة التعليمات، فلنتأكد أن المعلومة وصلته بالطلب منه أن يرددها،... وبالرغم من أن ليعرب قلبا يحتوي على محبة العالم كله، ولا شيء يسعده أكثر من تكوين صداقات، لديه صعوبة في فهم المشاعر والقصد من خلف بعض التصرفات الصبيانية من الزملاء التي قد تكون ودية، ولكن في ظاهرها معادية من باب الدعابة أو الإغاظة، فهو يعدها هجوما عدائيا، بل إنه يفسر أي ارتفاع في نبرة الصوت على أنه توبيخ، فلا يعرف حينها كيف يتصرف، وقد يقفل كل تواصل له مع الخارج، وينطوي على نفسه رافضا أي تواصل، هنا مرة ثانية نتركه ونعطيه المساحة لكي يتمكن من جمع وتفسير ما بداخله من مشاعر، ومن ثم نشرح له القصد من تصرف زميله أو من الأستاذ، قد لا يفهم ولكنه سيسامح وينسى، القلوب البيضاء التي ينتمي إليها يعرب قلوب تحب، ونفوس نقية لا تحمل أي أسية، وللابن يعرب قدرة فقط على التعامل اليومي مع البرنامج المدرسي، فهو يجد صعوبة في التخطيط والتنظيم كالجدول الأسبوعي، فالأفضل التعامل معه على نظام اليوم أو اليومين على الأكثر، وإن كانت هنالك أي أمور كالتنظيم للرحلات أو المناسبات الوطنية أو الموسمية فالأفضل أن تعلمونا كي نساعد من المنزل على تجهيزه وتذكيره، لأنه حين يترك المدرسة في نهاية اليوم يترك كل ما يتعلق بها خلفه، ولا يخبرنا عن يومياته فيها، وإن استفسرنا وألححنا في السؤال، فلو كانت هنالك أي تعليمات جديدة له أو لنا لكي ينجزها في المنزل أو يجهزها لليوم الثاني الرجاء التأكد أنها داخل حقيبته، وأن حقيبته قد علقت على ظهره عند خروجه من باب المدرسة، وأخيرا أرجو ألا أكون قد أطلت عليك، وأطلب من الله تعالى أن أكون قد وفقت في إيصال بعض من عالم يعرب، وإلى أن نلتقي لك منا كل التقدير والشكر.
ولي أمر التلميذ يعرب بن إنسان