مقطع اليوتيوب الذي نشر قبل أيام، وظهر به تعذيب طالبَيْن بإحدى مدارس محافظة وادي الدواسر على يد المرشد الطلابي بالمدرسة، باستخدامه "الفلكة" والعصا، لا يجب أن يثير غضب واستياء وزارة التربية والتعليم، فقط، بل نتمنى منها أن تتخذ إجراءات عملية بخصوص مثل هذه التصرفات فالأمر لا ينبغي أن ينتهي بخطابات إنذار أو قوانين لا تطبق.
إن بين يدي الوزارة أمانة كبرى وهي جيل بأكمله. العنف التربوي وانعكاساته على الطفل خطيرة وتأثيرها بعيد المدى فكما نرى أن معظم المعلمين بل الأكثر منهم يلجأ إلى العنف على الأطفال وهم بفعلتهم يعتقدون بأنهم مربون عادلون لاعتقادهم أن العقاب التربوي جزء أساسي من نظام التعامل التربوي ويكفي أن نؤكد حقيقة مفادها أن الطفل خاصة في سنواته التسع الأول، لا يمكن أبدا أن يدرك العلاقة بين أي خطأ قد يقترفه وبين الإيلام البدني الذي يقع عليه، وبالتالي فلن يتحقق فيه أي هدف تربوي من خلال الضرب.
يبالغ البعض ومنهم المرشد الطلابي في عقاب الطفل أو الطالب لأي سبب ولأتفه الأخطاء بحجة التأديب ويعتبرون ذلك من أفضل أساليب التربية، والمشكلة الأساسية تكمن في أن مثل هؤلاء هم مجرد موظفين يتقاضون أجرا وليس لهم علاقة حقيقية بالتربية والتعليم. فالمدرسة يجب أن تكون مكانا مقدسا يمارس فيه المعلم دور المعلم فعليا. الحقيقة التي لا أعتقد أنها تغيب عن وزارة التربية والتعليم هي أن في مدارسنا بكافة مراحلها الكثير من الشخصيات غير سوية سواء في مدارس الأولاد أو مدارس البنات، ولهذا يجب أن تشمل قائمة تقييم معلميهم ومشرفيهم بنودا أساسية لتقييم الحالة النفسية والفكرية لكل معلم ولا يكتفي بتقييمه على جودة المادة العلمية فهو في أساس الأمر يتعامل مع أهم شريحة بالمجتمع والذين هم البذرة الأساسية التي يقوم عليها إنسان الوطن.
على وزارة التربية والتعليم أن تضع قوانين صارمة لتطبيق شعارها الذي تتبناه وهو التربية والتعليم بمعنى أنها قدمت التربية على التعليم وهذا أمر رائع وواع على المستوى النظري وسيكون فعلا أقدر وأهم إذا ما طبق على مستوى الواقع تماما كما خطط له بأن تكون التربية أولا ثم التعليم وهو ما لن يتحقق إلا من خلال وضع أنظمة تقييم جديدة متوافقة مع متغيرات العصر والتربية الحديثة فقد انتهى زمن العظم لنا والجلد لكم. وزمن الفلكة والعصا. وزارة التربية والتعليم اليوم أمام تحد كبير لجيل مختلف إذ إن أخطر ما في ممارسة العنف التربوي بكل تجلياته كونه يعمل على تطويع الطفل للخضوع لكل من يمارس عليه الإيلام البدني أو الإهانة المعنوية أو الإرهاب النفسي ويجب أن يلتفت إلى أن مجموعة من الدراسات العلمية: أكدت أن العنف التربوي ينتج 10% من الأطفال العدوانيين، وأنه يكون من بين هؤلاء الأطفال العدوانيين 90% سلبيين أي تابعين ومنقادين. الطلاب والطالبات هم مشروع أمة لا يجب أن يكون مضطربا.