سأرفع العقال احتراماً وتقديراً لوزارة النقل ولمعالي الوزير. ذرعت بحر الأسبوع الماضي في ظرف ثلاثة أيام ما يقرب من 1200 كلم في أربع مناطق، وكنت أذرعها وفي خيالي (خارطة الطريق). شكراً للوزارة التي جعلت من مشواري بطولة للإنهاك والتحمل ولكن: سنعبر عليها لعامين لأن الوزارة فيما شاهدت تحولت إلى ورشة لمستقبل ذات خارطة الطريق. هي الوزارة التي شاهدت من لوحات مشاريعها العشرات ومثلها من الشركات التي تعمل مثل جهاز (قسطرة) تعيد فتح الشرايين المهترئة وتزرع فيه شرايين جديدة.
في ذات الطريق الطويل وفي ذات مروري على قراه ومدنه المختلفة رصدت لكم ما يمكن أن أسميه مؤشر أداء الوزارات المختلفة.
شاهدت الوزارة التي يقبع موظفوها في الغرف المسقوفة، تماماً وكأنهم ما زالوا في أوراق توصيف ـ الهمداني ـ للبلدان وعلى مسؤوليتي، هؤلاء يحتاجون منكم إلى قوارير الماء الباردة صدقة جارية أو كمقترح مني عندما يفكر أحدكم في مبرة لعزيز فقده. شاهدت مشاريع الوزارة الأخرى وقد اكتملت ولكن: بلا ساكن إلا من أسراب الحمام الجميل، وشكراً لهذا الحمام، لأنه استوطنها قبل سطوة الغربان. شاهدت بنات المدرسة الصغار يخرجن من كوة (مهدودة) في بطن السور، وحين سألت حارس المدرسة قال إن (هيكل البوابة) الخرساني على وشك الانهيار بورقة من مهندس الإدارة. لماذا اقتصر دور المهندس على خطورة البوابة دون أن يسأل عن بقية هناجر المدرسة؟
شاهدت لوحة الوزارة الأخرى على مشروعها لفرعها بالمنطقة، وفي اللوحة جملة شاردة لم يلتفت إليها أحد: تاريخ التسليم 24 /8 /1431. جميل جداً أنني رأيت بضعة عمال في أعمدة الدور الثاني من المشروع. نظرت إليهم ثم تأملت ما تبقى من مشوار طويل إلى اكتمال اللوحة. وقفت أخيراً عند نقطة المأساة التي قتلت مواطناً وطفله في مطاردة الباحة الشهيرة: حتى الدليل الذي قادني (صدفة) إلى المكان، كان (مثلهم) يحاول أن يحمل (الميت) مسؤولية لقائه بعزرائيل كي يهرب الأحياء من المسؤولية. وحين عرفني (صدفة) في آخر الأمر قال لي: هل ستكتب عنه؟ قلت له: لا، ولكنني سأكتب مؤشر الوزارات والإدارات والهيئات الذين قادوا عائلة إلى هذه الحفرة ثم هربوا لسبب بسيط: لأن الميت لن يدلي بشهادته!!