هذا العنوان مركب من كلمتين إنجليزيتين هما "فولوورز followers" أي أتباع، و"مينيا Mania" الاسم الإنجليزي لمرض الهوس" وهي الحالة التي تحول فيها جزء كبير من المجتمع الإنترنتي ومستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر"، حيث أصبح الإنسان يتواصل مع أخيه الإنسان من أجل "ريتويت" أو من أجل "منشن" وهي المصطلحات التي أصبحت تحكم العلاقات في ذلك الفضاء الافتراضي الذي صنع نجوما وما هم بنجوم إلا في مخيلة سكنت عقولهم المحدودة.
ولكي يكون الوصف عادلا سأمضي معكم في إثبات أن هذا الإدمان الاجتماعي الإنترنتي قد تجاوز الإعجاب بالمكان أو بالمحيط إلى حالة من الهوس الحقيقي والمرض المزمن، فتويتر "المنصة" أثرت في الكثيرين بذات التأثير الذي يخلفه التسمم بالمخدرات لا سيما الكوكايين والمنشطات، وهو تماما ما تصفه المراجع العلمية باعتباره أحد الأسباب التي تصل بالمتعاطي لحالة من السلوك الهوسي للأفراد.
كما أن حالة الهوس هذه تتفاوت من فرد لآخر، فهناك من يأخذ موضوع الأتباع وعددهم وتزايدهم يوما بعد يوم بشيء من التروي، فيكون مهووسا ضمن الحدود المقبولة، وفرد تحول هوسه هذا إلى هوس كامل مع أعراض الذهان والهلاوس والأوهام في كونه هل وصل لحالة الشهرة التي يستحقها وأصبح المجتمع يتعامل مع أفكاره بجد وتقدير؟ أو أن هناك مؤامرة من غريمه الفكري ومنافسه الرقمي في تحطيم وتقليص عدد أتباعه في حربه المصنوعه في رأسه؟
معظم هؤلاء المدمنين أو المهووسين بداء "الفولوورز" تحولت حياتهم إلى حالة من الاكتئاب، حيث ترتبط تصرفاتهم اليومية بمدى تجاوب ذلك العالم الافتراضي مع إبداعاتهم الفكرية ومصطلحاتهم السياسية المنمقة ومواقفهم البطولية اللفظية، فتتحول حياتهم إلى انعكاس واقعي لأعراض حياتيه تتطابق مع مرضى الهوس، حيث تنخفض الحاجة إلى النوم نتيجة للوجود الدائم في ذلك المحيط التويتري ويصبح بطبيعته أكثر اندفاعا وعدائية في مواقفه من القضايا والأشخاص، وتتحول شخصيته الطبيعية إلى حالة من الغرور وداء العظمة الذي نتج عن أكذوبة صنعها في عقله المدمن، ليتحول بين لحظة وأخرى من إنسان هادئ إلى حالة من الغضب المنفلت لا ينفع التعامل معه إلا بحقنة من مصل اسمه "الواقع".
ليس هناك إشكال في أن يبحث الإنسان عمن يستمع له ويؤمن بما يقول، فكل فرد فينا فيه شيء من النرجسية ولا عيب في ذلك، فالفرد الذي تحركة الذاتيه هو فرد يسعى أساسا للتميز، إلا أن تحول الفرد إلى أسير لأتباع جلهم إما أرقام تشكلت من برامج تسويقية أو شخصيات وهمية أو متربصون مستهترون فهو الهوس بعينه، لأنه يعيش أكذوبة صنعها عقله المضطرب وصدقتها روحه المنهكة بحب الظهور.