كم أنا فخور بإنجاز القيادات السعودية منذ توحيد المملكة العربية السعودية حتى الآن كما هو فخري لمواقفها العربية والإسلامية، ويسجل لها التاريخ مواقف ملوكها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. وعلى الشعوب أن تفخر بقياداتها التي تترك بصمات جميلة ورائعة ومؤثرة في نفوس شعوبها وشعوب وقادة الدول في مختلف أنحاء العالم، وما يدفعني لأن أكرر هذه المشاعر هي المواقف التي تستوقفني أحيانا لأراجع التاريخ، أو أستمع لشهادة بعض القادة العرب تجاه مواقف قياداتنا السابقة، وأقرب هذه المواقف التي استوقفتني كثيراً اللقاء الذي تم مع فخامة الرئيس الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية ضمن برنامج مجلس الأعمال السعودي المصري الذي انعقد في الأسبوع الماضي في القاهرة، الذي أتشرف برئاسته من الجانب السعودي ضمن وفد كبير رفيع المستوى برئاسة أخي معالي الوزير الشاب المحترم الدكتور توفيق الربيعة، وأعرب فخامة الرئيس المصري خلال الاجتماع عن تقديره واعتزازه بمواقف القيادات السعودية منذ إنشاء المملكة، وخص بالتحديد موقف الشهيد المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز في حرب أكتوبر 73 الذي كان له الأثر الكبير في تحقيق ذلك النصر، واستخدام قوة البترول كعامل ولاعب رئيسي في التأثير على السياسة الدولية، كما أشاد فخامته بالدور الكبير والمتميز الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وصفه بالأخ الأكبر صاحب الفكر والرأي والحكمة، القائد المحب لشعبه وللشعوب العربية والإسلامية قاطبة، وصرح الرئيس مرسي بأن السعودية بلد المقدسات في عقله وقلبه وفكره، وهو محب لها.
مشاعر حب صادقة من رجل مؤمن مسلم أمين حريص على العلاقات بين العرب والمسلمين صادق إذا وعد، ووفي بما يعد. وهي شهادة أسجلها له وهو غني عنها، وإنما عندما شكونا له وضع بعض الاستثمارات السعودية التي واجهت معوقات خلال السنتين الماضيتين وعجزنا عن معالجتها، وسؤالنا لمن نذهب لمعالجتها؟ فقال: "أنا المسؤول وسأعمل على توجيه جميع المسؤولين لمعاجلتها".
انتهى الاجتماع وزملائي يساورهم القلق عما إذا كانت الوعود كسابقتها من وعود لأعلى المسؤولين السابقين ولكنها لم تتحقق على أرض الواقع، غير أني ومعظم أعضاء الوفد شعرنا بأننا نتعامل مع قيادة من نوع آخر في مصداقيتها وعزمها وأمانتها، وقبل خروجنا من قصر الرئاسة صلينا صلاة الظهر يؤمنا الرئيس محمد مرسي الذي أصر على السلام على كل عضو في الوفد والترحيب به وأخذ الصور التذكارية مع جميع أعضاء الوفد.
وفي الطريق إلى الفندق استعداداً لحضور حفل الافتتاح لدورة مجلس الأعمال السعودي المصري همس في أذني أحد المسؤولين قائلاً بأن التعليمات قد صدرت لسرعة إنهاء المعوقات التي واجهت المستثمرين السعوديين في مصر، وتم تكليف الوزراء المعنيين بسرعة الإنجاز، وبالفعل لم تكن هذه التوجيهات مثل التي كنا نعرفها في الماضي بل كانت فعلية.
وبعد حفل الافتتاح حضر مجموعة من الوزراء المعنيين وخصصت لهم غرف اجتماعات خاصة للاجتماع المباشر مع أي شركة أو رجل أعمال لديه قضية، وشارك في الحضور أحد كبار المستشارين وأحد القضاة نائب رئيس محكمة الاستئناف المستشار محمد أبا زيد، بإشراف مباشر من الوزير الدكتور أسامة صالح وزير الاستثمار المصري، الذي تابع شخصياً في أروقة الفندق سير الاجتماعات.
انتهى الافتتاح وبدأت الاجتماعات في اليوم الثاني ليبلغنا المستشار القاضي نائب رئيس محكمة الاستئناف بأن الإجراءات التنفيذية لمعالجة القضايا التي واجهت الشركات السعودية قد بدأت فعليا، واستعرض سعادة المستشار كل قضية والحلول التنفيذية التي تم اتخاذ إجراء فيها.
انتهى اجتماع مجلس الأعمال السعودي المصري وكلنا أمل في أن تتحقق الوعود، وأعتقد أننا فعلاً نمر بعصر جديد من الإدارة المصرية الجادة الصادقة والحريصة على الاستثمارات السعودية بصفة خاصة. وهذا ما لمسناه فعلاً على أرض الواقع، وأنا كمتابع للاستثمارات السعودية في مصر منذ 30 عاماً أوكد لزملائي بأنني لم ألحظ جدية وأمانة ومصداقية في التعامل مثل التي نراها اليوم.
أتمنى أن يحرص زملاؤنا الوزراء والمسؤولون في المملكة على معاملة المستثمرين السعوديين والأجانب في السعودية بنفس المعاملة بعيداً عن البيروقراطية. رأينا مجموعة من الوزراء المصريين المعنيين بالاستثمار يفرغون أوقاتهم مساءً وفي قاعة الاجتماعات المجاورة لاجتماعاتنا لمقابلة رجال الأعمال، ونحن في المملكة يمنع مكتب أحد الوزراء استلام خطاب موجه للوزير حتى يتم تفويض المراسل ممن يرسل الخطاب وتصديقه من الغرفة التجارية ثم إحضاره، وإذا اقتنع مدير المكتب بأنه قابل للعرض على الوزير استلمه، وإلا رفضه وأرسله إلى إدارات أخرى.
أي بيروقراطية هذه وأي إدارة حديثة هذه.؟ كفانا قرقعة إعلامية من بعض المسؤولين الذين تمتلئ الصحف اليومية بصورهم يومياً على أعمال قام بها موظفوهم، وكان من الأجدى القيام بواجبهم صمتاً، والإعلان عن النتائج في نهاية كل عام.