في التاسعة وأربعين دقيقة من مساء الحادي عشر من سبتمبر (مساء ما قبل البارحة) وقف رجل الأعمال الكبير (يحيى بن لادن) أمام 4 آلاف من الحضور ليلقي كلمة تدشين خيمة سوق عكاظ التي تبرعت بها أسرته هدية مجتمعية بتكلفة تصل إلى 40 مليون ريال.
ومرة أخرى لاحظوا فوارق الحدث ومفارقته. إنه الحادي عشر من سبتمبر، واسم جديد من هذه العائلة الكريمة، وصورة السعودي التي نريدها نحن بعد أن أتعبتنا لعقد من الزمن الصورة النمطية التي خلقتها نفس المفارقات مع طفيف من الفوارق.
تحت الأضواء الكاشفة نال يحيى بن لادن من التصفيق الجارف سبع مرات، في خيمة مترعة بالحداثة وتفاصيل التقنية المذهلة، وكأنه بالصدفة في ذات اللحظة من (التقويم)، يريد أن يمحو صورة عشرات السعوديين الهاربين إلى المغارات والكهوف، وظهور الجبال وبطون الأودية.
دعونا معه نقبر ذكريات الحادي عشر من سبتمبر، بعد أن تبرع هذا (العملاق) في ليلة جديدة مختلفة بصورة هائلة على النقيض.
دعونا نقبر صورة السعودي المطلوب على قوائم التفجير وفلول المطاردة، إلى صورة يحيى بن لادن، وهو يطلب من (العملاق) الآخر خالد الفيصل أن تكون الخيمة العكاظية الملايينية ميدانا للجامعات لعكاظ القادم لأفضل أبحاث السعوديين في حقول المعرفة المختلفة، ليبدأ الفيصل رفع يمينه مهللا للفكرة الرائعة الجديدة.
وحين كان يحيى بن لادن ينثر الضوء والأمل وشلال البناء والحياة، تذكرت هذه الأسرة بثلاثة مواقف:
الأول: حين كنت طفلا صغيرا، وأنا أشاهد طائرة أبيه تتحطم أمام قريتي في أول حادث أشاهده في الحياة! يوم كان أبوه يخيط تلك القرى ليشبكها في ثوب الحياة عبر طريق حمل اسمه لعقود من الزمن، وهو يأخذها إلى شريان الأمل والمستقبل.
الثاني: ليلة ذات الحادي عشر من سبتمبر في الذكرى الأولى لعام 2002، حين كنت محاصرا بكلاب البوليس ومحقق الشرطة بمطار أورلي الباريسي لأنني سعودي اكتشفوا أنه مسافر إلى وجهة من الأرض لا حظوظ لها في الاقتصاد والسياحة، ولهذا بدأت بذور الشك.
الموقف الثالث: كان مساء البارحة حين كان يحيى بن لادن يعلي البنيان على النقيض من صورة الهدم التي كان (ذات التاريخ) يوما من غزواتها المجيدة.
شكرا لهذه الصورة الجديدة، في (ذات التاريخ) الذي اختلف مع شخص مختلف.. شكرا يحيى بن لادن.