تدخل الأمم المتحدة دون أوهام في مغامرة محفوفة بالمخاطر بإرسالها بعثة مراقبين إلى سورية للإشراف على وقف إطلاق نار هش، في غياب خيارات بديلة ناجعة. فعندما اقترح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأربعاء الماضي على مجلس الأمن انتشارا تدريجيا لـ300 مراقب عسكري غير مسلح أقر في أن هذه المهمة "لا تخلو من المخاطر". وهو تلميح هادئ برأي بعض الدبلوماسيين الذين عددوا "سيناريوهات كارثية". ولا تخفي دائرة عمليات حفظ السلام التي تخطط هذه المهمة أنه لم يسبق أن تم إرسال مجموعة من القبعات الزرق دون سلاح إلى منطقة نزاع في غياب اتفاق رسمي مسبق لوقف إطلاق النار. وأقر جان ماري غيهينو مساعد مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي عنان الخميس الماضي أمام المجلس أن الظروف التي يمكن أن تسمح للمراقبين بالقيام بعملهم بشكل فعال وفي آمان غير متوافرة بعد.

فوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 12 أبريل لم ينتهك مرات عديدة فحسب خصوصا في حمص حيث تجددت عمليات القصف، بل إن الحكومة السورية لم تسحب بعد قواتها وأسلحتها الثقيلة من المدن المضطربة. وعلى الأرض بدأت مجموعة صغيرة من المراقبين مهمة أولية لكن السلطات السورية رفضت السماح لهم بدخول حمص لأسباب أمنية بحسب دبلوماسيين. كما تراجعت طليعة المراقبين هذه عن الإشراف على تظاهرات المعارضة أول من أمس خوفا من الاستفزازات. فضلا عن ذلك لم يحصل هؤلاء المراقبون أيضا على المعدات الضرورية.

وقد طالب بان كي مون بمروحيات لكن البروتوكول الذي أبرمته الأمم المتحدة مع دمشق حول الإجراءات المتعلقة بعمل البعثة ترك هذه المسألة عالقة. وبحسب هذا النص فإن مسألة استخدام الوسائل الجوية من قبل البعثة يمكن أن تناقش في موعد لاحق. ورأى دبلوماسي غربي أن هذه المهمة يمكن أن تشكل "رهانا" في هذه الظروف. وقال إن فريق عنان "لا تساوره أي أوهام" لكنه لفت إلى أن "إرسال المراقبين هو انجاز أولي: فهم سيكونون بمثابة عيون وإذن الأمم المتحدة ويمكن أن يعملوا كعنصر مؤثر على سلوك النظام".