شاع في أدبيات وسجالات السنة أن مبدأ التقية هو من سلوكيات التعامل عند إخواننا الشيعة.

ولا ينكر الشيعة ذلك ولهم في ذلك حجتهم امتثالاً لقوله تعالى "إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه".

لكن السنة يرون أن التقية حجة قرآنية مبررة في زمنها حيث كان ذلك مسوغاً في بداية ظهور الإسلام وما كان من ضعف المسلمين وقلتهم وما يجدونه من غلظة وعنت من جلاوزة كفار قريش، لكن الشيعة – بزعم السنة - استمرؤوا هذا المنهج "التقية" وصار سلوكاً في حيـاتهم يجعل للحقيقة أكثر من وجه ويهز المصداقية ويشيع في النفوس الشك والله على ما نشك شهيد، لكن ما انطوى عليه المجتمع السعودي من ضرورة الانخـراط والاستجـابة لمتطلبات التمدن ومعايشة العصر بما لا يتعارض مع ثوابـت الـعقيدة، بدوره قاد بعض فئات المجتمع إلى حـالة من الـتصادم بين ما هو صحوي وما هو حداثي على نحـو جعـل المواطن يتعايش مع الحالين في نفس الوقت فهو صحوي وسلفي في ظاهر سلوكه وهو في حال أخرى حداثي وتقدمي وتقيوي، إنه الثابت والمتحول فهو في الـداخل خلاف الخارج وحاله في المنزل خلاف حاله في الاستراحة.

إذا أردت أن تلمس الفارق فانظر إلى السعودي في مجتمعه ثم انظر إليه وهو متحول إلى بقعة جغرافية خارج الحدود، لا شك عندي أن كل مواطن قد أبصر التغير والتبدل الذي ينتابنا وشاهده عياناً جهاراً في الطائرات المقلعة إلى عواصم العالم عندما تتطاير العباءات و"الغطاوي".

وللعلم فإن هذا السلوك ليس مقتصراً على الليبراليين ولكنه وإن على نحو أقل نهج بعض المحافظين الذين تعمد إحدى نسائهم إلى لبس حجاب يغطي شعرها ونحرها وملابسها الظاهرة فضفاضة لا تجسم مكوناتها وتمنحها حرية الحركة.

وأعود إلى حال القضية عند نسائنا بين الداخل والخارج بما لا ينسجم مع المنطق ولا مع الشريعة السمحة حيث إن هناك حالا من المبالغة لدى بعضهن في التحول من وضع الاحتشام أو وضع الاكتتام في الداخل إلى وضع يتجاوز أحيانا حال أهل البلد المذهوب إليه حيث ترى الفتاة السعـودية بالبنـاطيل الضيقة والشعور المتدلية والمساحيق الظاهرة والعطور الفائحة..

هكذا نحن كما يقول المثل"إما حبا والا برك" نتطرف في اليمين وفي الشمال ونمارس التقية أو أننا نعاني من الانفصام الذي يخلق لدى كل منا شخصية لا علاقة لإحداها بالأخرى.

نحن نعلن ما لا نضمر ونستبطن ما لا نظهر ويجب أن نتغير لنكون بوجه واحد وسلوك واحد في الداخل والخارج.