بعد تبني تنظيم "القاعدة" مسؤولية خطف نائب القنصل السعودي بمدينة عدن عبدالله الخالدي، نهاية شهر مارس الماضي، ومساومته للحصول على تنازلات من السلطات في المملكة كإفراج عن مطلوبين لأجهزتها الأمنية، ومطالبات بأموال مقابل الإفراج عنه، أبدى مراقبون سياسيون متابعون للوضع في اليمن خشيتهم من أن تستغل جماعة أنصار الشريعة، المرتبطة بالتنظيم الانفلات الحاصل في البلاد لتنفيذ عمليات نوعية تضر باستقرار اليمن على الرغم من المبادرة الخليجية الخاصة بنقل السلطة وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة التي شهدتها البلاد في الحادي والعشرين من شهر فبراير الماضي.

حكومة الوفاق

ويتبادل طرفا حكومة الوفاق الوطني في البلاد الاتهامات بشأن مسؤولية كل طرف في دعم ورعاية الإرهاب، في الوقت الذي يخطط فيه تنظيم القاعدة للتمدد بشكل أكبر باتجاه محافظتي عدن ولحج جنوبا وحضرموت شرقا، بل إن عددا من المراقبين يخشون أن يطرق تنظيم القاعدة أبواب صنعاء، إذا ما استمرت الخلافات بين أطراف العملية السياسية في البلاد.

وتتهم قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، خصومه برعاية الإرهاب، ويرى أن "القاعدة خرجت من عباءة الإسلاميين"، فيما يتهم الطرف الآخر نظام صالح بما أسماه "تشكيل ودعم ورعاية تنظيم القاعدة الذي يسيطر على مناطق عدة في كل من أبين وشبوة".

من جانبه انتقد عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي العام الشيخ نبيل الباشا، ما قال عنه "الانفلات الأمني الذي يعيشه عدد من محافظات البلاد"، وكشف عن معلومات مفادها أن "سبع محافظات يمنية أصبحت خارج سيطرة الدولة فيما بقية المحافظات تشهد انفلاتا أمنياً"، متهماً الحكومة بـ"توفير بيئة خصبة للإرهاب، بعد أن أهينت الدولة ومؤسساتها حيث لم يعد أحد بعد اليوم يشرفه الانتساب إلى المؤسسة العسكرية".

طرفا المبادرة

واعتبر محللون يمنيون أن الخلافات السياسية بين طرفي المبادرة الخليجية تتيح المجال لتنظيم القاعدة لتحقيق أهدافه والتوسع باتجاه مدن جديدة وإعلانها إمارات إسلامية، كما هو الحال في منطقة عزان بمحافظة شبوة، شرقي العاصمة صنعاء وجعار بمحافظة أبين، جنوبي البلاد.

ويوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية سعيد عبيد الجمحي، أن الطرفين يلعبان لعبة خطيرة لا يدركان عواقبها، وقال لـ"الوطن" إن الاتهامات بين طرفي حكومة الوفاق تأتي ضمن المكايدة السياسية بهدف خلط الأوراق وتحقيق أهداف سياسية رخيصة.

ويضيف "إذا أراد الطرفان تمرير هذه الاتهامات على الآخرين وبفرض أن أميركا ودول الإقليم سيعطونها أهمية ويصدقونها، فهذا يعني إعطاء الغرب مبرراً للتدخل عسكريا داخل الأراضي اليمنية بحجة الحرب على القاعدة، واتهامات الطرفين كأنها تريد أن تقول للعالم إن "القاعدة" صناعة يمنية بغض النظر عن الطرف المتورط في رعايتها ودعمها"، إلا أن الجمحي يوضح أن أميركا تدرك حقيقة القاعدة، ولن تهتم بهذه الاتهامات المتبادلة إلا إذا رأت أنها تخدم أهدافها.

التوسع جنوبا

ويؤكد الجمحي أن الخاسر في لعبة الاتهامات هو اليمن، والمستفيد الأول هو تنظيم القاعدة، الذي يخطط للتوسع باتجاه عدن جنوبا وحضرموت شرقا".

وتؤكد مصادر أمنية يمنية موثوقة لـ"الوطن" أن الدور الإيراني صار يتعاظم في الآونة الأخيرة بشكل مخيف، حيث تضخ طهران عبر حلفائها في اليمن ملايين الدولارات من أجل وضع العراقيل أمام الحكومة الجديدة وإظهارها بمظهر العجز والفشل.

وكشفت المصادر ذاتها أن طهران ضخت عبر أنصارها الحوثيين أموالاً طائلة لاستقطاب عناصر سياسية في كل من تعز، وذمار وصنعاء، فيما مولت وتمول فصيلاً في الحراك الجنوبي بالمال والتدريب على السلاح في مناطق تتبع حزب الله في جنوب لبنان.