عائشة البكري
أسئلة تجول في خاطري على الدوام: لماذا أصبحت البرامج في فضائياتنا العربية مستنسخة من برامج غربية لا تمت لثقافتنا العربية بصلة؟ ولماذا تتعمد هذه الفضائيات بث برامج مخلة بالقيم والآداب، بعيدة كل البعد عن قيمنا وعاداتنا وثقافتنا العربية؟
أليس بمقدورنا أن نبتكر برامج ترفيهية أو درامية في إطار عربي خالص دون تقليد ممجوج للفضائيات الغربية؟
قنواتنا العربية للأسف أصبحت تغزو شبابنا بطريقة غريبة، أيعقل أن ما تدره هذه القنوات من أرباح يكون على حساب أبسط قيمنا التي ندركها بفطرتنا البريئة؟ لماذا نلهث وراء الانفتاحية المغلوطة؟
حرية الفكر واللحاق بالعولمة ليسا بهذه الطريقة، الذوق العام أخذ ينحو منحى الانحراف، الانفتاح لا يعني الخلاعة والميوعة، لقد تدهور الذوق لدى الإنسان العربي لدرجة أن ذائقته أصبحت مشوهة، لا تميز بين غث وسمين، ففي سنين مضت لم نكن نرى تلك المشاهد المخلة بالآداب، والتي أصبحت في متناول الجميع، تبث على مدار الساعة لتغذي عقول شبابنا بكل الخطايا وبطريقة تلقائية ومباشرة وواضحة، وكأنها تبث للشعوب الاسكندنافية لا للشعوب العربية.
اليوم أصبح الخطأ الأخلاقي في منظور الشاب العربي أمرا اعتياديا، ولا أشك أن ما تبثه هذه الفضائيات لهو سبب مباشر أو غير مباشر في انتشار العلاقات المحرمة والفساد الخلقي، الذي يلج إلينا من بوابة العولمة، والإعلام الحر.
لماذا لم نستطع ـ كشعوب محافظة ـ فرض أخلاقياتنا عبر ما يبث في قنواتنا العربية كما فرضت علينا الثقافات الغربية نفسها؟ لقد أضحت هذه الفضائيات مصانع لإنتاج البرامج والمسلسلات التي تحاكي الغرائز والشهوات، وكأن غرائز الشباب هي من تملي عليها نوع البرامج التي يجب متابعتها، فكل محرم أصبح مباحا، يا للعجب!
أمر آخر يجدر بنا ذكره هنا، وهو ضرورة نشر الوعي بين الشباب والفتيات بحمولات هذه البرامج والمسلسلات الهابطة، وتفعيل الرقابة الأسرية كما ينبغي، فنحن نعيش عصر الفضاء المفتوح، وليست الفضائيات وحدها هي التي تعبث فيه، هناك الهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية.. لا يمكن لهؤلاء الشباب أن يظلوا مستهلكين لثقافات وسلوكيات تبثها فضائيات مستهلكة أيضا.. نستغرب من قصص شبابنا وفتياتنا التي تملاء صحفنا كل يوم، ولكننا نكتفي بالإنكار فقط، فالاغتصاب والاختطاف والعلاقات المحرمة والمشبوهة تزداد كل يوم في محيطنا الاجتماعي، لم تعد الرقابة الإعلامية تقوم بدورها، بل هي لا تستطيع في عصر الانفجار المعرفي، عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، فإذا وصلنا إلى درجة لم نعد نستطيع فيها احتواء أبنائنا وتوعيتهم بخطر هذا التلوث الأخلاقي فلن نستطيع ضبط تصرفاتهم وأخلاقياتهم على المدى البعيد.