استحوذت الرياضة في هذه الفترة على أقلام كثير من الإعلاميين، وستستحوذ مع الأيام أقلاماً أكثر، لأنها فعالية تجذب إليها كل ألوان الطيف، وليست مجرد تمرينات ومنافسات رياضية، إنما لها تأثيرها البالغ في كل مناحي الحياة، وقد تعدت كونها فعالية اجتماعية وتربوية لتصبح فعالية اقتصادية وسياسية بامتياز. وقد كتبت إحدى الأخوات في عدد سابق من "الوطن" مقالاً عن كأس العالم لكرة القدم التي جرت مؤخراً. وكالعادة تناولتها التعليقات بالمدح أحياناً وبالذم أحياناً أخرى. والمشكلة طبعاً ليست هنا، لأن الرأي والرأي الآخر مهم جداً، ولكن المشكلة أن البعض ما زال يعاند البديهيات، وما زال يعاند دخول المرأة في الرياضة من أي باب كان. والمشكلة الكبرى أنه لا يملك المنطق في هذا العناد، وإن حاصرته بالمنطق فهو يرفض لمجرد الرفض، آخذاً بعين الاعتبار قدراته الجسدية بغض النظر عن قدراته العقلية، مدعياً دائماً أن المرأة يجب ألا تتحدث إلا في الموضة والطبخ والنفخ. وإذا كانت تريد أن تلعب رياضة يكفيها رياضة العمل في البيت. وإذا قلت له إن رياضة العمل في البيت ليست رياضة، بل في بعض الأحيان تحتاج المرأة التي تعمل في البيت إلى رياضة خاصة كي لا تصاب بأوجاع معينة، فإنه يرفض حتى لو أحضر لها مجموعة خدم!... وإذا فضّل عليها يقول إن شوارعنا طويلة وممهدة وتستطيع أن تمشي عليها كيفما شاءت! هؤلاء الذين يتحدثون بهذا المنطق، هل يعرفون جيداً فوائد الرياضة كلها؟ وأريد أن أسأل سؤالاً محدداً: لماذا يرفض البعض رياضة المرأة، مع أنها ستكون بعيدأ عن كل رجال الأرض وستكون المنافسات بين النساء وحدهن؟ لماذا رفضوا افتتاح أندية للنساء؟ ولماذا رفضوا منافسات الجامعات مع أنها نشاط نسائي بحت؟ الرياضة ليست مجرد نشاط، إنها تساهم في التربية السليمة، والمنافسات تخلق عند الفتيات روح العمل الجماعي والعطاء وتزيد من قدرتهن على التأقلم مع الإحساس بضرورة التفوق، ولا يجوز على الإطلاق أن نحرم المرأة منها خوفاً من انفتاح أكثر في المستقبل كما يدعي البعض، واتركوا المستقبل للمستقبل. ولا يجوز أيضاً أن نحاصر المرأة فقط في أعمال المنزل وهي قادرة على أن تعمل كل ما هو مطلوب منها وأكثر. هناك من يقول إن المرأة أصبحت طبيبة ومعلمة ومهندسة ونائبة وزير، هذا كله جميل، لكنه جاء بقرارات وستصدر حتماً قرارات أخرى، ولكننا نبحث عن تواجد المرأة في كل المحافل بقناعة مجتمع وثقافة مجتمع وليست مجرد ديكور هنا وهناك. وإذا كان كل هذا التقويض من البعض على انطلاقة المرأة سببه الحفاظ عليها، فالمرأة قادرة أن تحافظ على نفسها، ومن لم ترد ذلك فلن تفعل ولو وضعوها في سجن محكم. فلا حياة الغرب نقبلها لأي مبرر كان، ولا حياة الظلم للمرأة مقبولة لأي مبرر كان.

على كل من يرد أن يناقش بمنطق فنحن قادرون على الرد بمنطق، ومن لم يرد فستبقى القضية مفتوحة معه إلى ما شاء الله.