مضى على تلك الحادثة 11 عاما ومنذ ذلك الوقت بثت أغلب وسائل الإعلام في العالم شرقه وغربه تفسيراتها وقراءاتها للحدث الأهم منذ انتهاء الحرب الكونية الثانية، فيما طرح كثير من المختصين سياسيين وإعلاميين واستراتيجيين تحليلاتهم وتفسيراتهم حول الأسباب والتبعات، بينما لا نزال صامتين وبشكل غريب عن كل السيناريوهات التي حاولت ولو بشكل جزئي تحميل المجتمع السعودي بكافة أطيافه ومؤسساته مسؤولية ما حدث، بينما الأدلة والوقائع والأحداث أثبتت أننا ضحايا مثلنا مثل كل من عصف به هوس الإرهاب البغيض، وأطروحاته القاتلة التي تجاوزت الجغرافيا والثقافات والديانات.
لم نكن استثناء ولم تتجاوزنا الموجة الدامية إلا بعد أن دفعنا ثمنها حربا حقيقة جادة وظفت خلالها الدولة بمؤسساتها والمجتمع بنخبه وأطيافه كل الطاقات لتجاوز المأزق، واليوم بعد أن اتضحت الرؤية وانقشع ضباب المرحلة فإننا أحوج ما نكون إلى تقديم قراءتنا الإعلامية وتفسيرنا الخاص، متخلصين من رهاب المواجهة.
صحيح أن هناك بعض الجهود الفردية حاولت من خلال تحليلاتها ومصادرها تقديم قراءة مغايرة ومختلفة إلا أنها كانت قليلة، لا تتناسب مع حجم الحدث وتأثيراته المدوية التي طالت كل مناحي حياة السعوديين.
إننا اليوم نتعامل مع الحدث السبتمبري، وأحدد هنا على المستوى الإعلامي بكافة منابره، على كونه مجرد ذكرى عابرة لا زلزالا سياسيا وأمنيا غير شكل العالم.. ظلم وابتزاز سياسي كدنا أن نتحمل وزرهما، وفي هذا السياق فإن الذاكرة الجمعية لا تستدعي سوى تفسيرين، الأول: قدمه يسري فودة في برنامجه "سري للغاية "والذي كان بحثا استقصائيا صحفيا مميزا بحق، والتفسير الآخر لصحفي فرنسي باحث عن الإثارة هو "تيري ميسان"، حاول تقديم نظرية مؤامراتية فيها من الخيال أكثر مما فيها من الوقائع.
اليوم أصبح المشهد السبتمبري أكثر قابلية لتقديم قراءات حرة ونقدية لكل العوامل التي أدت إلى تشكله، وهنا فإن مسؤولية وسائل الإعلام التلفزيوني السعودي سواء كانت عامة أو خاصة تكون مضاعفة وتاريخية، لأن الذاكرة البشرية أضحت تلفزيونية بالكامل.