بات واضحا أن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كانت عملية اغتيال بامتياز، فكل المعطيات التي رافقت الرئيس الشهيد منذ حصاره في المقاطعة في رام الله من قبل القوات الإسرائيلية، وحتى خروجه منها على ظهر الطوافة، كانت تؤكد أن أبا عمار لن يعود حيا إلى فلسطين، وأن شعار "شهيدا... شهيدا" الذي كان يردده سيتحقق منذ أن رفض المساومة على ما تبقى من أرض فلسطين، والتنازل عن المسلمات الفلسطينية في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
يوم استشهاده، ترددت أنباء عن اغتياله، وكان حري بالمسؤولين الفرنسيين في حينه أن يدققوا ويحققوا في النبأ لا أن يلفوا جثمان الشهيد بالعلم الفلسطيني ويرسلوه إلى الضفة الغربية لدفنه.
كان حري بالمسؤولين الفرنسيين وهم - أغلب الظن - يعرفون جيدا عبر استخباراتهم، وكذلك عبر أطبائهم الذين أجروا الفحوصات للرئيس الشهيد، أن إسرائيل المجرمة أقدمت على اغتياله بوسائلها الخاصة، دون أن تترك أثرا، وفي ظنها أن دم أبي عمار سيذهب سدى، وأن جريمة اغتياله ستمضي دون مساءلة.
حاولت إسرائيل اغتيال عرفات أكثر من مرة، في لبنان حيث طاردته الطائرات الحربية من شارع إلى شارع ومن بناء إلى بناء، ولكنها فشلت، وخرج أبو عمار من أزمة لبنان معافى، ليخوض غمار الحرب العسكرية والدبلوماسية ضد الاحتلال، ويقود الانتفاضات الفلسطينية المتتالية ضد الاحتلال.
ربما تكون المدرسة التي أرساها أبو عمار في مواجهة إسرائيل وراء خطوتها باغتياله، وهو ما سيتم كشفه في الأيام المقبلة.