في الوقت الذي لن تدفع فيه سوى مبلغ يتراوح بين 10 و20 ريالا لغسيل سيارتك في أي موقع من أحياء العاصمة الرياض، إلا أنك حين ترتاد مغاسل السيارات بشارع "التحلية" شمال الرياض سيطلب منك عامل المغسلة 80 ريالا لغسيل السيارات الكبيرة و 50 ريالا للصغيرة.
هذه الأسعار المبالغ فيها تعكس "غلاء" هذا الشارع كونه الشارع الوحيد في العاصمة الذي يحظى باهتمام الشباب غالبية الأيام للاستعراض بسياراتهم وتزيينها والاهتمام بمظهرها الخارجي، كما أن جميع محلاته من فئة "خمسة نجوم" وغالبيتها فروع لمقاه ومطاعم ومحلات ملابس الشباب الرياضية والأجهزة الإلكترونية ذات الماركات العالميّة.
ويؤكد حرص المستثمرين على استقطاب زبائن هذا الشارع الشهير، تخصيص أحد محلات الخياطة فرعا لـ"الشخصيّات الهامّة" أو ما يعرف بـ"vip" عبر تصميمه بديكورات راقية، وفَرْش مدخلِه الواصل بين رصيف الشارع وباب المحل بسجاد أحمر يمر فوقه الزبائن عند ارتيادهم المحل، على غرار ما يشاهد في بروتوكولات استقبال الشخصيات الهامة والمشاهير في زياراتهم، وهو منظر يشعر الزبائن بفخامة المكان وينعكس على زيادة رغبتهم في الشراء منه.
وخلال زيارة "الوطن" لشارع الأمير محمد بن عبدالعزيز بشمال الرياض المعروف قديما بشارع "التحلية" وما زال يشتهر به، رصدنا إحدى مغاسل السيارات وهي تعلق قائمة بأسعار غسيل السيارات ومن ذلك غسيل السيارة الكبيرة بـ80 ريالا والصغيرة بـ50 ريالا، وبسؤال العامل المسؤول عن ارتفاع الأسعار مقارنة بالمغاسل الأخرى أجاب بأنهم يستخدمون "شامبو" خاص لغسيل السيارات ويرتادهم عشرات الشباب يوميا بسيارات فارهة ولا يمانعون من دفع هذا المبلغ ثمنا لنظافتها.
وفي محل لبيع المستلزمات الرياضية الشبابية رصدنا ارتفاعا لافتا في أسعاره، وبسؤال البائع أجاب بأنه يكفي وجود المحل في شارع "التحلية" كون بضائعه "ماركات" عالميّة وإيجارات محلاته مضاعفة، وبالتالي يضطر لرفع الأسعار، خاصة في ظل قدرة غالبية مرتاديه على الشراء.
أما المظهر الخارجي للشارع فيبدو عليه الهدوء غالبية ساعات النهار ويبدو شارعا عاديّا لا يوحي باختلافه عن شوارع العاصمة الفسيحة، إلا أن الأمر يختلف كليّا في الفترة التي تبدأ من بعد المغرب حتى منتصف الليل، خاصة أيام الأربعاء والخميس والجمعة، حيث تكتظ مساراته بالسيارات وأرصفته بالمارة الذين يتنوّعون بين شباب "هادئين" يحملون أجهزتهم اللوحيّة والهاتفيّة الذكيّة كالآيباد والجالكسي والآيفون والبلاك بيري ويرتادون المقاهي والمطاعم ويقضون فيها ساعات طويلة بين تصفح أجهزتهم تارة، والحديث مع بعضهم تارة أخرى، كما يوجد آخرون يجوبون الشارع ذهابا وإيابا للاستعراض بسياراتهم الفارهة والمعدّلة، وآخرون يشكّلون فرقا للسباقات بالدراجات النارية، ومثلهم من الأطفال بدراجات هوائية، في حين يقوم صنف آخر بارتياد الشارع سيرا على الأقدام مرتدين آخر موضات الملابس وقصات الشعر اللافتة.
وقال الشاب أحمد الركبان إن لشارع التحلية أهمية بالغة لدى شباب الرياض، كونه المتنفس الوحيد تقريبا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع والتجوّل بين محلاته ومقاهيه ومطاعمه الفاخرة والالتقاء بأصدقائهم وزملائهم هناك، مضيفا أن أكثر ما يضايق مرتاديه تعمد بعض الشباب الإزعاج حين يمتطون دراجات نارية وسيارات صغيرة تخرج منها أصوات مزعجة يتمنى لو يتم التصدي لها للحد من الصخب الذي يشهده الشارع ليلا.