لا يكاد بيت سعودي أياً كان موقعه الجغرافي يخلو من وجود فرد أو أكثر، منتسب لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، تلك هي الحقيقة التي يشهد بها أكثر من 135 ألفاً، وهو الرقم الذي يشكل مجموع المستفيدين من البرنامج، والذي يمثل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لتحقيق مجتمع قائم على المعرفة.

البرنامج لم يكن مجرد حلم لقائد، بل تحول إلى خطة استراتيجية بعيدة المدى، لتشكيل نواة للغد، تتبوأ فيه المملكة مكانة بين الدول المتقدمة بشكل مدروس، ومقنن، حيث بدأ البرنامج منذ نحو 6 أعوام، بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين، لتنظيم البعثات وتوسيع نطاقها، وهو ما جعل دول أخرى تستعين بالبرنامج للاستفادة من الخبرات الموجودة فيه، حيث يعد أكبر برنامج من نوعه في العالم، ويبلغ عدد المستفيدين منه من الجنسين نحو 135 ألف طالب وطالبة في 36 دولة من مختلف دول العالم في أوروبا وآسيا وأميركا، وأفريقيا وأستراليا، فيما يتجاوز إجمالي النفقات على برنامج الابتعاث حالياً أكثر من 20 مليار ريال.

وكان من المقرر لبرنامج الابتعاث أن يستمر لمدة خمسة أعوام من بداية انطلاقته، إلا أن النتائج الكبرى التي حققها، وإسهامه في تطوير الإنسان السعودي، حققت جزءاً من رؤية خادم الحرمين الشريفين، الذي أمر بتمديد البرنامج خمسة أعوام أخرى، كما أصدر قراراً ملكياً أعلنه بنفسه لدى لقائه الطلبة المبتعثين في الولايات المتحدة الأميركية في يوليو 2010، بإيقاف التنقيب عن النفط، بهدف حفظ المخزون النفطي للأجيال اللاحقة، وهو ما يظهر حرصه الكبير على السير نحو مجتمع متقدم يقوده شباب الوطن، الذين أطلق عليهم "سفراء الوطن".

وحمل برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي رؤية خادم الحرمين لإعداد أجيال متميزة لمجتمع معرفي مبني على اقتصاد المعرفة، وتمثلت رسالته في إعداد الموارد البشرية السعودية، وتأهيلها بشكل فاعل لتصبح منافساً عالمياً في سوق العمل ومجالات البحث العلمي ورافداً مهماً في دعم الجامعات السعودية والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة.

ويستهدف البرنامج ابتعاث الكفاءات السعودية المؤهلة للدراسة في أفضل الجامعات في مختلف دول العالم، والعمل على إيجاد مستوى عال من المعايير الأكاديمية والمهنية من خلال برنامج الابتعاث، وتبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية مع مختلف دول العالم، وبناء كوادر سعودية مؤهلة ومحترفة في بيئة العمل، ورفع مستوى الاحترافية المهنية وتطويرها لدى الكوادر السعودية.

وأثبت البرنامج نجاحه على كافة الأصعدة، وأشار مستشار وكالة وزارة التربية والتعليم لشؤون الابتعاث الدكتور عبدالعزيز العريني في تصريح سابق لـ"الوطن" أن نسبة التسرب في الابتعاث لا تتجاوز 5%، وهي نسبة متدنية مقارنة بالعدد الكبير للمبتعثين، مشيراً إلى وجود معايير لابتعاث الطلاب والطالبات، من أهمها الابتعاث في التخصصات التي تتناسب مع سوق العمل في المملكة، وهو ما ينسجم أيضاً مع آلية افتتاح الأقسام في الجامعات المحلية.

وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن العام المنصرم بلغت نسبة المبتعثين الذكور 75%، فيما حصلت الإناث على مانسبته 25% من إجمالي الطلبة المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، فيما بلغ عدد الجامعات التي يدرس بها الطلاب السعوديون أكثر من 2000 جامعة حول العالم، في حين بلغ عدد المبتعثين في أميركا وحدها أكثر من 60 ألف مبتعث.

ويدرس نحو 30% من المبتعثين في أفضل مئة جامعة ضمن التصنيف العالمي "شينغ هاي"، في الوقت الذي يستحوذ 70% منهم على مقاعدهم الدراسية ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.