المتتبع لسيرة الأمير خالد الفيصل العملية يعرف أن علاقة الأمير بالشباب وحبه لهم وخدمتهم والتعاون معهم وحرصه في الوصول إليهم ليست وليدة اليوم، أو وليدة تسنمه إمارة منطقة مكة المكرمة، بل يعود إلى عقودٍ قديمة وتحديداً إلى عام 1386 عندما تم تعيينه مديراً عاماً لرعاية الشباب. وهو صاحب فكرة أهم مسابقة شبابية خليجية (دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم) ولقد استقر في عقله وقلبه منذ ذلك اليوم حبه للشباب وخدمتهم ومقابلتهم والترحيب بأفكارهم. ونرى ذلك واضحاً جلياً من خلال جهوده الحالية بوصفه أميرا لمنطقة مكة المكرمة بالرغم من تراكم المسؤوليات والمشاكل والمشروعات التي تشهدها منطقة مكة المكرمة على كل المستويات الاقتصادية والثقافية والتنموية. وقد أسس الأمير منتدى الشباب في منطقة مكة المكرمة ببرامجه التي تشمل كل شبر من المنطقة، وما يشتمل عليه ذلك المنتدى من برامج ومسابقات فيها إشغال لأوقات الشباب بالمفيد النافع وتنمية فكرهم وثقافتهم. وقد خصص يوم الاثنين من كل أسبوع لمقابلة الشباب، وقال مخاطبا الشباب بذلك: "لا أريد أن أسمع ملاحظاتكم فحسب؛ ولكن أيضاً رأيكم وتوجيهاتكم." وهذه عبارة لمسؤول كبير ويجب أن تكتب بالذهب.. وقد سبقها بعبارة أوضح فيها أنه لا يقول ذلك تواضعاً وإنما يعني ما يقول.. وأظن أن الأمير خالد الفيصل لن يتوقف عن برنامج عظيم وضعه في قلبه وفكره، وهو لفتة قوية وعميقة للشباب. فنرى أنه قد اختار "الشباب" موضوعاً لمنتدى سوق عكاظ لهذا العام، ودعا له نخبة من المفكرين والعلماء والمختصين والمسؤولين والشباب أنفسهم، فيما يسميه علماء البحث العلمي طريقة (360 درجة) لتغطية كافة القضايا والموضوعات. والأمير فيما أظن يستشعر بعمق وبوعي كامل أولاً: النسبة الكبيرة التي يشكلها مجتمع الشباب في السعودية، ويستشعر أن مستقبل البلاد لا يقوم إلا على سواعد الشباب، وقد سمعته مراراً يكرر: "القوي الأمين"، وكلنا يعرف ما تنطوي عليه هذه العبارة العظيمة المستلة من دستورنا العظيم. ويستشعر الأمير أهمية العمل وحجمه ليكون شبابنا بقوة الشباب أمناء.. ويستشعر مشكلات الشباب التي يراها ويسمعها بحكم عمله القيادي. والأمير يدرك بكل تلك الجهود أن شبابنا الغاضب والراضي الذي يعمل والذي بدون عمل، والطليق والمسجون، والمؤدب وصاحب التصرفات الرعناء، وابن الثري وابن الفقير، والمبدع والمخفق؛ كلهم مسؤوليتنا، وكلهم أبناؤنا، ويجب علينا كمجتمع أن نعمل سوياً لوضعهم بكل فئاتهم السابقة على الطريق الصحيح، مواطنين أقوياء أمناء صالحين يعملون لخدمة دينهم ووطنهم وأمتهم.

الأمير بهذا الهم المتمثل في الجهود التي يبذلها يريد أن يضع هذه القضية على أولويات المجتمع بأسره، وبكل مؤسساته، حتى تتضافر الجهود ويتحول شبابنا إلى مواطنين يحملون أولاً هم أمن وطنهم وهم صلاحه وهم تقدمه. ويعرف يقيناً أن كل ذلك لا يكون إلا إذا كان الشباب، كل الشباب في سفينة الوطن، وهو هم أظن الأمير قرر أن يواصل حمله ويعمل من أجله. وهو محق في وضع قضية الشباب على رأس الأولويات، لأن هناك مشكلة مجتمعية تتعلق بالشباب، فمجتمعنا مقصر في حق الشباب.. وأول المقصرين هم الراعون الأولون للشباب.. وأعني والديهم.. فأنا أجزم أن البيت لا يعرف أين يذهب أبناؤه ومع من يذهبون وماذا يعملون؟ والأمر الآخر من المؤسسات المعنية التي لا توفر للشباب من الأماكن والبرامج ما هو كافٍ لجذبهم إليها، وبقي الأمر والخيار للشباب المراهقين الذي يقضون في صالات ألعاب الشبكات أوقاتاً طويلة يمارسون ألعاب الحرب والاقتتال التي تؤدي إلى تنامي روح العنف والعداء وحب الانتقام والمشاجرات، حيث يظهر في كثير من الألعاب القتل بجميع أنواعه وأشكاله وتقطيع الأجساد بشكل واضح بجميع أنواع الأسلحة وأشكالها.

ونسأل هنا: هل تعلم الجهة التي أصدرت الترخيص بمحتوى هذا النشاط التجاري قبل فسحه؟ مراهقونا يمتلكون فراغاً كبيراً تدل الظواهر على أننا لم نتمكن بكل مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية من التعامل معه بنجاح. وأقول لسمو الأمير الذي اختار أن يتحمل هذا العبء الثقيل إنه لا بد أن تفضي جهودكم إلى وجود مؤسسة حكومية أو غير حكومية تنظر في مشكلات مراهقينا وشبابنا الذين هم بين البيت الذي لا يعرف أين يذهب أبناؤه ومع من يذهبون وماذا يعملون، وبين مؤسسات لم يعد ما هيأته لهم من الأماكن والبرامج كافياً لجذبهم إليها وقضاء أوقات ممتعة ومفيدة فيها. دور البيت بدأ يضعف في عصر العولمة التي نعيشها، تنظر إلى مصادر فكر الشباب التي أصبحت متبدلة ومتغيرة ومتلونة ومتناقضة وخطرة. تنظر إلى دور المؤسسات التعليمية للشباب فترى أنه تعذر عليها أن تنفرد بالتصدي لمشكلاتهم.. تنظر إلى ظاهرة أصبحنا نرى فيها شبابا سعوديا بأشكال وملابس مزرية لا تليق بهذا البلد الطاهر ولا بأهله، شعور طويلة بشكل مقزز.. ملابس ضيقة مفتوحة الصدر، ثياب مزركشة وبعضها "محزَّز". تنظر إلى كل تلك الممارسات التي تفتك بمثلنا وقيمنا وأخلاقنا ثم تصبح كالسيل الذي لا يمكن صده. ندعو للأمير خالد الفيصل في منتدى الشباب وفي لقاءاته الاثنينية كل أسبوع وفي المنتدى القادم لسوق عكاظ الذي خصص للشباب؛ بالتوفيق وسداد الخطى.. ونأمل أن تستجيب المؤسسات المعنية للصرخات التي يطلقها الأمير خالد الفيصل للتصدي لمشكلات الشباب وإصلاح الشباب وتعليم الشباب، وغرس قيم الدين ومثل المواطنة وحب العمل والإنجاز والحرص على أمن الوطن وتقدمه. شبابنا هم أعلى نسبة بين سكان بلادنا وهم أغلى وأنفس ما نملك وما يملكه الوطن. الشباب وفكرهم أمانة لدى الوطن بكل فئاته. يتطلب الأمر أن نستجيب جميعاً لهذا النداء المخلص وأن نعمل كأفراد ومؤسسات كل في موقعه لخدمة شبابنا.. حتى ومع إنشاء الجهة التي اقترحت هنا؛ لا يمكن التصدي لكل متطلبات الشباب من جهة واحدة مهما كانت قوتها وإمكانياتها. إن الجهود التي يبذلها الأمير في كل الخطوات التي بدأها؛ هي لتذكير المجتمع بالقيمة الحقيقية للشباب في الوطن ودورهم الأساسي فيه.. والشباب هم عدة المستقبل وأسباب أمنه وتقدمه. وعصرنا اليوم بما يحمله من أدوات كان لها شأن عظيم في تعقيد مسرحنا الاجتماعي وتعدد مصادر فكر شبابه يتطلب منا أن نقف مع كل الجهود التي تبذل للعمل على إنجاحها.