قدمت المملكة استثمارات كبيرة لتطوير التعليم العالي؛ حيث تنفق الحكومة بسخاء من خلال تحديث البنية العلمية والتعليمية في مؤسساتها الأكاديمية، ومضاعفة أعدادها.
والجامعات السعودية تهتم حاليا بشكل خاص بتلبية الاحتياجات التعليمية والاجتماعية للمناطق التي توجد بها وتسعى لكسر النطاق المحلي، وتهتم بالمنافسة على المستوى العالمي في الوقت الذي تقوم فيه بخدمة الاحتياجات الوطنية والإقليمية، فيما يعكس التطور الذي وصل إليه نظام التعليم العالي في المملكة.
ويعمل عدد من الجامعات السعودية حاليا على تحديث مدنها، إضافة إلى مقررات باللغة الإنجليزية في العديد من التخصصات، وتدرس فيها برامج للدراسات العليا على مستوى الماجستير والدكتوراه. كما أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، سيسهم في تغطية التوسع الكبير في الجامعات السعودية والحد من نقص أعضاء هيئة التدريس في تلك الجامعات.
وتبذل المملكة جهودا كبيرة للتغلب على التحديات التي ظهرت نتيجة التوسع الكبير في التعليم العالي وزيادة أعداد الجامعات، كما أن الحكومة أقرت حوافز لأساتذة الجامعات لتشجيعهم على العمل في الجامعات الناشئة، فضلا عن التوسع في استقطاب المتميزين من الخريجين للعمل في سلك التعليم الجامعي.
وفي إطار دعم التعليم العالي في المملكة، هناك المركز الوطني للتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني والهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي ومركز إحصاءات التعليم العالي الذي يعنى بتقديم المعلومات والبيانات لخدمة التخطيط. ويوجد أيضا صندوق التعليم العالي ومركز البحوث بوزارة التعليم العالي الذي يُعنى بالتخطيط للتعليم العالي، كما يوجد أيضا مركز القيادة الأكاديمية التابع لوزارة التعليم العالي. وفيما يتعلق بتوفير التعليم العالي للإناث، فإن جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن من كبرى الجامعات المتخصصة في تعليم البنات بالعالم، إذ تستوعب نحو 52 ألف طالبة، وهي مبنية على أحدث الطرز المعمارية مع ربطها بشبكة طرق حديدية داخلية معلقة تنشأ لأول مرة في حرم جامعي لخدمة الطالبات.
ووزارة التعليم العالي السعودية تختلف عن كثير من وزارات التعليم العالي في العالم من ناحية أنها تعمل بوصفها النظام الضابط والمنسق للبرامج، وهو دور مختلف عن وزارة التربية في أميركا على سبيل المثال، حيث إن دورها يقوم على أساس تنسيق العلاقة ما بين الجامعات السعودية ومتطلبات التنمية الوطنية، إضافة إلى الجوانب التمويلية والجوانب التخطيطية التي تسير عليها الجامعات لتقديم خدماتها للمواطنين، وتعمل هذه الوزارة أيضا كجهة إشرافية على عمل الجامعات.
كما أن الجامعات الخاصة والجامعات الحكومية تناقش ميزانيتها مع وزارة التعليم العالي قبل إقرارها من وزارة المالية، وهنالك في الحقيقة الكثير من الإدارات والأقسام التابعة لوزارة التعليم العالي المرتبطة بضبط عمل مؤسسات التعليم العالي، ووضع اللوائح المنظمة لعملها وربطها بأهداف وسياسات التعليم المرعية في المملكة.
وفي الآونة الأخيرة زاد الطلب على التعليم العالي وزادت تعقيدات العملية التعليمية والاستيعاب وأصبح هناك إدراك أكبر لأولياء الأمور والطلاب لأهمية التعليم العالي وهو ما يستدعي وضع العديد من الحلول السريعة لمعالجة الأوضاع والطلب المتزايد في أوساط المواطنين على خدمات التعليم العالي. وهذا أدى إلى وضع اللوائح المنظمة للتعليم العالي ورسم سياسة توسعية أدت في منتهى الأمر إلى افتتاح العديد من الجامعات السعودية الجديدة، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى التعرف على التحديات ووضع الحلول المقترحة لها. ومنذ عام 2005 حتى 2010 كان هنالك دعم كبير للتعليم العالي من القيادة السياسية والتزامات كبيرة على الجانب المادي لخدمة التعليم العالي وبرامجه ومؤسساته، ولذلك أصبح أمامنا تطور ضخم وكبير في منظومة التعليم العالي في المملكة ورأينا توزعا كبيرا على المستوى الأفقي لتقديم الخدمات لمختلف المناطق وهو ما أدى إلى تعزيز مستوى الخدمة، ورأينا أيضا توسعا كبيرا في برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، إذ تم زيادة طاقته الاستيعابية لتتجاوز أكثر من 100 ألف مبتعث، بالإضافة إلى ذلك زيادة الإنفاق ليصل إلى أكثر من 100 مليار ريال على خدمات التعليم.
وقد طورت المملكة خطة التعليم العالي للأعوام الـ25 سنة المقبلة "آفاق"، والتي بدأت منذ 5 سنوات ونرى كيف أن الخطة تعمل على الربط بين الطموحات بالموارد وقدرات الاقتصاد الوطني، حيث لا يمكننا أن نقرر كيف يكون المستقبل لكن يمكننا أن نرسم طموحات دقيقة بشأن الوصول إليه. ولذلك فإن وزير التعليم العالي أصر على أن تكون الخطة مرنة وديناميكية في طريقة عملها وأن تكون قابلة للتحديث كل فترة.