تعج سورية بمكاتب استخبارات تزيد على عدد الولايات الألمانية (16 ولاية)، ويتعذر على المعارضين والمنشقين عن الجيش النظامي الثقة في بعضهم البعض في ظل مناخ يسيطر عليه الخوف وإفشاء الأسرار.
ويقف جندي تركي على بوابة مخيم للضباط السوريين معلقا سلاحه الآلي على صدره فيما تتجول فتاة صغيرة بين الخيام البيضاء ذات القمم المدببة، ويعج المكان بالحركة فور أن يرفع الآذان للصلاة في المسجد الصغير الموجود بالمخيم حيث يصطف بضع عشرات من الرجال في صفوف للاستماع إلى خطبة الجمعة.
وعلى بعد أقل من 50 مترا من مدخل مخيم الضباط المنشقين، ينساب تيار المعلومات الواردة من سورية إلى المنشقين بلا انقطاع الأمر الذي جعلهم على علم جيد بخطط جهاز الاستخبارات الذي يوجه عمليات الجيش. ويعتبر اللواء أ.د. الذي فر من سورية قبل بضعة أسابيع مركزا هاما للمعلومات، وقد رفض الإفصاح عن اسمه نظرا لأن أسرته لا تزال تعيش داخل سورية. وقال "أتاحت لي خدمتي في الجيش اتصالات جيدة أستغلها الآن لصالح الثورة". وأضاف أن أغلب معلوماته يستقيها من منتمين للجيش وجهاز الأمن، مشيرا إلى أن مصادر معلوماته ترغب في الانشقاق عن دمشق لكنهم يتخوفون من انتقام النظام. وذكر أن هذه المصادر أطلعته على أن الجيش النظامي يعتزم حفر خنادق في محافظة حلب حتى يتمكن من مراقبة القرى التي يقطنها المعارضون للنظام بعد انسحاب الدبابات.
وأخرج اللواء أ.د. من جيب قميصه ورقة منزوعة من نتيجة "مدونا" عليها أسماء يبدو أنها لضباط في القوات البرية الإيرانية وسلاح الجو الإيراني كانوا وصلوا قبل أسبوعين إلى مطار عسكري سوري لمساندة قوات الأسد.
وأعرب "أ. د" (58 عاما) عن قناعته بأنه "إذا لم توجد منطقة حماية مؤمنة فإن من الممكن أن يستمر هذا الصراع الدامي على مدار عام آخر". ويصل عدد أفراد الجيش السوري الحر وفق تقديراته إلى 40 ألف شخص بينهم نحو 500 ضابط "يواجهون 260 ألف جندي مسلحين بشكل جيد". وأضاف أن من غير الممكن كسب حرب في ظل التفاوت بين هذه الأعداد.
كما أعرب "أ. د" عن اعتقاده بأن نسبة المنشقين عن الجيش النظامي الذين يأتمرون بأمر العقيد رياض الأسعد لا تزيد عن نحو 10%، أما العدد الباقي فهو عبارة عن ألوية تكونت محليا ولها اتصالات فردية بالجيش الحر. وأضاف أن "القيادة المنقوصة مشكلة لأنها تتيح لجواسيس النظام اختراق بعض الألوية".