كشف اجتماع الدول المانحة لليمن عن المصداقية الكبيرة للسعودية في الدفاع عن القضايا القومية للوطن العربي، فالوضع في سورية لم يجعلها تنسى حقيقة التحديات التي تواجه الجار الجنوبي والتي لا يمثل جانب انتقال السلطة فيها إلا وجها واحدا أوليا لمعالجة الأزمة.

ولم تكن صرخة باسندوة حول فراغ الخزينة إلا اتهاما إضافيا للنظام السابق الذي لم يكتف بعقود طويلة من استغلال الدولة كشركة شخصية لعائلة الرئيس والدوائر المحيطة بها من الطبقات التي حصلت على عقود امتياز للنفط وأدارت اقتصاد الدولة وكأنها تدير مؤسسة عائلية، وصولا إلى استغلال القضايا الأمنية المعقدة كمصدر للتكسب المالي. ولم تكن مصطلحات "الحرب على الإرهاب"، و"القاعدة"، و"الخطر الحوثي"، إلا عناوين عريضة لمصادر دخل مالي لدولة يعيش ما يقارب من نصف سكانها على أقل من دولارين في اليوم. وفيما كان هذا الابتزاز السياسي للعالم قائما، سقط اليمن في مرحلة جديدة من فقدان السيادة حيث سيطر الحوثي على دولة في الشمال الغربي لولا وقوف القوى السلفية والقبلية في وجه هذا المشروع الإيراني التمويل، وحصلت القاعدة على حصتها من استغلال غياب الدولة في أبين فيما كانت عينها على عدن لاستكمال مشروع القاعدة، والحراك الجنوبي يطالب بالاستقلال من التهميش الشمالي. ومع تنامي الإقطاعيات القبلية لتسيطر على مناطق جغرافية كاملة دون قيد أو دولة وصولا إلى حصار معسكرات الدولة في مناطق من البلاد - الأمر الذي اعتبره وزير الخارجية أبو بكر القربي "مبالغات إعلامية" - جاء دور الدول الصديقة لإنقاذ ما تبقى من اليمن سياسيا في المبادرة الخليجية، واليوم تكمل طريق إنقاذها لليمن ليس ماليا فقط ولكن بالحصول على التزام عالمي للوقوف مع هذا البلد المنهار.