رغم أن "الطابع بأمر الله" وضح في "عودة الابن الضال" السبب الوحيد لاعتزاله الكتابة وهو: الاحتجاج على رقابةٍ ظلت تتغابى وتتحرى الغباء حتى كُتِبت عند الله وعند الناس غبيةً خرقاء أينما وجَّهتها لا تأتي بخير! ورغم أنه لخَّص فترة اعتزاله بسخريةٍ استلهمها من الزميل/ "أبي الطيب الكذاذيبي" بقوله:
أُرِيكَ الرِّضا لو أَخْفَتِ النفسُ خافيا
وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا!
تظنُّ ابتساماتي رجاءً وغِبْطَةً
وما أنا إلاَّ ضاحكٌ من رجائيا!
إلا أن ذلك لم يروِ عطش أعضاء مجلس إدارة "بعد النسيان" الموقَّر، فطالبوا بالمزيد، على لسان "قرنا الاستشعار"، واسألوه عن علاقته بآذان الجدران!
حسنٌ.. أولى "مفاجعات شر البلية" هي أنه على الرغم من إعلانه في كل سانحةٍ أنه اعتزل الكتابة بكامل قواه العقلية ـ إن وجدت ـ ولم يوقفه أحدٌ ولا أربعاء؛ إلا أنه لم يصدِّقه الأسبوع كله!
وظل السؤال يطارده مطاردة "جمس بوند" للفراشات: من أوقفك؟ "نافذٌ" ما أم "جهة" هواء؟ حتى اضطر أن يحمل في جيبه "مصحفاً" صغيراً، ككل "مواطٍ صالح"، يقسم عليه مرتين يومياً على الأقل: حين تسأله "وزارة الداخلية" ـ زوجته الحبيبة، يالسوء الظنون! ـ وين رااايح؟ و"من وين جاااي"؟ وقد وردنا الآن سؤال عاجل: هل يجوز القسم على "الآي فون"؟ و..و..آلووه؟ انقطع الخط دون أن تفصِّل السائلة: هل هو "أمريكنجي" أم "كوريانجي"؟ أَمَّا "القَسَم" فهو "صِينَنْجِيٌّ" في كل الأحوال!!
وألحَّ السؤال حتى لقد وجد نفسه أمام المرآة يمسك بتلابيب نفسه ويسطرها كفَّين مصرقعين: عليَّ أنا يا "أخخخخ/ أنا"؟ يعني كلهم خطأ وأنت الصح الوحيد؟ اعترف وإلا أبلغت عنك الدفاع المدني في شارع "شهار" العام!
وما يفرتُك ما تبقى من "مرارته" أن من يجلده بهذا السؤال هم زملاء المهنة المحسوبون مثله على ثقافة البلد! وهم أشد الناس تكذيباً له كلما أخرج المصحف ووضع يده عليه وأقسم؛ لأنهم يعتقدون أن أسلوب "بعد النسيان" أعلى من سقف الرقابة! وكأنهم لا يرون الأبراج التي استأجرتها "الهانم" فوق السطوح! أتحداك يا أخ/ "دعشوش" أن تحصي كم "مرارةً" قلنا: "الويل لأُمَّةٍ مثقفوها هم مخوِّفوها"؟! وأبشر بمن "يُدَعشِشُك" من كل "الحركات" التي أزعجتك؛ لتحارب "الزهايمر" وتحكي قصة "الفلاح والفَزَّاعة (خيال المآتة)": صنع الفلاح فَزَّاعةً تحمي حقله من العصافير.. وسافر ذات نهارٍ، ثم عاد مع غروب الشمس ليافجأ بماردٍ عملاقٍ يحتل حقله! لم ينم طوال الليل من الخوف!! فلما طلعت الشمس اكتشف أنه ليس إلا ماصنعته يداه! وأنه ليس شارع "شهار" فقط... "الطائف" كلها بحاجة إلى.. أن تنظر في المرآآآة؛ لتستقبل ضيوف "عكاظ" الأسبوع القادم!!