في يونيو من هذا العام، ألقى المقرر الخاص في الأمم المتحدة لشؤون الإعدامات الميدانية والقتل خارج القانون، السيد كريستوف هينز، خطابا في اجتماع عن حقوق الإنسان في جنيف، حيث وضح أسس القانون الذي بموجبه قد يتعرض القادة الذين يستخدمون الطائرات بدون طيار لتنفيذ اغتيالات للمحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
قال هينز في خطابه "هل علينا أن نقبل بتغييرات كبيرة للنظام القانوني الدولي الموجود منذ الحرب العالمية الثانية واستمر رغم التهديدات النووية؟ بعض الدول تجد القتل المستهدف جذابا للغاية. دول أخرى قد تجد ذلك جذابا في المستقبل. الممارسات الحالية للاستهداف تضعف حكم القانون. أعمال القتل يمكن أن تكون قانونية في الصراع المسلح، لكن الكثير من القتل المستهدف يحدث بعيدا عن المناطق المعروفة بأنها مناطق صراع مسلح."
في خطابه، الذي ألقاه في مؤتمر نظمه في جنيف اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، حدد السيد هينز قضية استخدام الطائرات بدون طيار في الهجمات التي تتم على المنقذين الذين يأتون لمساعدة ضحايا الاغتيالات بوساطة الطائرات بدون طيار في باكستان، وأعلن أنه "إذا كان المنقذون المدنيون يستهدفون بالفعل عمدا، ليس هناك شك حول القانون: هذه الضربات هي جرائم حرب."
من بين جميع دول العالم، تميزت إسرائيل باستهتارها بالقانون الدولي، ولكن في خطابه في يونيو حول الهجمات بالطائرات بدون طيار، لم يكن هينز يتحدث عن إسرائيل –كان يتحدث عن الولايات المتحدة، التي تبنت سياسة القتل بالطائرات بدون طيار في عهد أوباما بشكل واسع إلى درجة أن ذلك قد يدمر 60 عاما من القانون الدولي.
مع وجود القدوة في الولايات المتحدة في قضية الطائرات بدون طيار، قامت إسرائيل بعملية اغتيال في عمق الأراضي لمصرية باستخدام الطائرات بدون طيار في 26 أغسطس. بحسب وسائل الإعلام المصرية والتقارير الأمنية في وكالات الأنباء الفلسطينية والإسرائيلية، قامت إسرائيل باغتيال إبراهيم عويضة ناصر مدان بصاروخ من طائرة بدون طيار فيما كان يقود دراجة نارية في عمق 18 ميل داخل الحدود المصرية من سيناء. بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، معان، فإن الرجل كان عضوا في الجهاد الإسلامي ويعتقد أنه كان له علاقة بهجوم 5 أغسطس على الحدود في سيناء الذي أدى لمقتل 16 رجل أمن مصري. كما ذكرت وكالة معان للأنباء أن إسرائيل ربما بدأت حملة اغتيالات تستهدف السلفيين في سيناء لأن حملة الجيش المصري ضد الإرهابيين في سيناء قد فشلت وتوقفت.
وهكذا، بدلا من تبادل المعلومات الاستخباراتية وجهود التعاون الأخرى من قبل المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب، إسرائيل، التي قادت عمليات الاغتيال الجوي ضد الفلسطينيين و"أعداء" آخرين خلال تسعينات القرن العشرين وبدايات القرن 21، لن تتجاهل فقط القانون الدولي، لكنها ستتجاهل أيضا الحدود الدولية مثل الحدود مع مصر.
ولكن، مثل أوباما، يسير الإسرائيليون على طبقة رقيقة من الجليد في المجتمع الدولي. في 24 يونيو، نشر الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر مقالا قاسيا في صحيفة نيويورك تايمز قال فيه إن سياسة إدارة أوباما في مكافحة الإرهاب تنتهك على الأقل 10 مواد من بين 30 مادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما في ذلك المادة المتعلقة بمنع المعاملة أو العقوبة غير الإنسانية أو المهينة. وكما ذكرت سابقا، ركز المقررالخاص في الأمم المتحدة وأخصائيون آخرون على الاغتيالات بواسطة الطائرات بدون طيار. بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، قتل 825 فلسطينيا بواسطة الطائرات الإسرائيلية بدون طيار في قطاع غزة على مدى السنوات الخمس الماضية. لكن عبور الحدود الدولية كان شيئا كانت حتى إسرائيل تتجنبه. ولكن الآن، تبع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطى الرئيس باراك أوباما ومن المرجح أن سابقة دخول الأراضي المصرية سوف تتكرر من قبل فرق القتل الإسرائيلية مرات ومرات، كما تكررت مرات ومرات في غزة.
تبعات الاغتيالات الإسرائيلية بواسطة الطائرات دون طيار في سيناء كبيرة. فحيث إن إسرائيل قد قامت بتنفيذ اغتيالات عبر الحدود فإن العلاقات الإسرائيلية-المصرية تمضي بنفس اتجاه العلاقات الأميركية مع كل من باكستان وأفغانستان. مما يسمى بالحملة ضد الإرهاب والاغتيالات وانتهاك سيادة دول الجوار لن تؤدي إلى الحد من الهجمات الإرهابية، لكنها ستؤدي إلى هجمات جديدة. المخططون العسكريون الإسرائيليون يجب أن يدرسوا الموجة الأخيرة من القتل ضد القوات الأميركية والناتو في أفغانستان التي يقوم بها نفس عناصر الجيش والشرطة الذين دربوهم، وأن ينظروا إلى العلاقات المتهاوية بين باكستان وأمريكا على أنها تحذير واضح: لا تسيروا على خطوات أوباما في الاغتيالات بواسطة الطائرات بدون طيار، وإلا فإنكم ستدفعون الثمن.