فور انتهاء انتخابات المجالس البلدية السعودية العام الماضي صرح أحد الفائزين قائلاً: "شكراً لكل من صوَّت لي، وأعدكم بالمطالبة بصلاحياتٍ واضحة ومحددة"!

لن تجد في أي مكانٍ ولا زمان ولا "مَكزانٍ" ولا "زمكانٍ" في العالم من يرشح نفسه دون أجندةٍ تحمل وعوداً تغري الجمهور بالتصويت له، ثم محاسبته إن لم يفِ بها! والأغرب منه أن تجد جمهوراً يصوِّت دون شروطٍ أو مطالباتٍ مسبقة! أما تفسيره فلا يمكن أن يشرحه ويفهمه إلا سعودي ابن سعوديٍّ ابن سعودية: من رشَّحَ نفسه يكفيه أن يهز حباله الصوتية بكلمةٍ واحدة هي: "تكفى"! لتهتزَّ لها كل خليةٍ في جسد الناخب ـ إذا وإذا فقط كان سعودياً أصيلاً ـ "ترى تكفى تهز الرجاجيييل"! ما أسهل هذا السيناريو حتى في "هيئة الصحافيين" التي لا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر: "المنخوب" انتخى، وبات يبحث عن صلاحيات! و"الناخب" لا يعي شيئاً تحت تأثير كهرباء "تكفى" المتوهجة في جيناته منذ أن كان أجداده "لا يسألون أخاهم حين يندُبُهم/ في النائباتِ على ماقال بُرهانا"!!

ولا تدري ما الذي يعمي شركة الكهرباء الموحَّدة؛ لتهدر المليارات في تطوير "مُوَلِّداتِها" ـ بقيادة "مُوَلِّدة الأجيال"/ "أم سعيدان" رحمها الله ـ بدل أن تقتدي بشركات "الانفصالات" التي أحسنت استثمار "تكفى": رسالة قليلة تمنع بلاوي كثيرة، لمرضى الكلاوي والكبدة والأطفال المعاقين والأيتام وأشقائنا هنا وهناك ماعدا "فيذا"!! ولأنك سعودي فلن تسأل كم يصل للمستحقين من تبرعك الزهيد؟ وكم تهبش "الانفصالات" بعد أن تأخذ "بنوك مرتاع البال" هبشتها؟ وحين تهزك رسالة تقول: "تكفى قاطع شركات الانفصالات لتحسِّن خدماتها تهزُّك الحمية فترسلها للمئات من أصدقائك "المهزوزين" الذين يرسلونها بدورهم لمئات "المهزوزين"، و"هارون" الانفصالات غير "الرشيد" يغني: يا "مَطَرَة حُطِّي حُطِّي"؛ ليكتشف قوم "تكفى" أنهم خسَّروا الشركات "مليوني ريال" في ساعة مقاطعة، لكنهم لا يسألون أنفسهم كم كسَّبُوها من رسائل دعوات المقاطعة؟

فهل نلوم الأساتذة والزملاء الذين أعلنوا رفضهم للديموقراطية "اسم الله علينا" بناءً على فهمنا للانتخابات؟!

قد تجد العذر لجيلٍ حديث فتح عينيه على "انتخى وبات" ولم يعرف سواها، لكنه يعي جيداً أنها ليست "اسم الله علينا"! ولهذا يرى أن هذه "الشكليات" مضيعة للوقت، والمهم هو تحقيق التنمية كما في التجربتين الماليزية ثم التركية! ولكن "تكفى": ماذا تقول لـجيلٍ عتيق يعرف أن الملك عبدالعزيز أقام دولته على "الشورى"؟ لكنه ينسى أو يتناسى أنه مارس الانتخابات في شتى مؤسسات المجتمع من "مجلس الشورى" إلى "مواقف التكاسي"؛ مروراً بالأندية الأدبية والرياضية وعُمَد الحارات؟!

"تكفى" أهْدِهِ نسخة من كتاب (بوادر المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية) لمحمد عبدالرزاق القشعمي، ذاكرتنا الوطنية التي نعتز بها.