زفها والدها لمن لا تحبه ولا ترغب فيه ووقف حائلا بينها وبين تحقيق حلمها بالارتباط بمن تهواه ويميل قلبها إليه وتراه يحمل مفتاح سعادتها.. اهتم أهلها فقط بتفاصيل الزواج..الخطبة والملكة وفستان الفرح والكوشة وقصرالاحتفالات والمعازيم ودعوة جموع غفيرة من البشر لكسب ودهم ورضاهم ونحر الذبائح وتقديم أفخم الولائم للظهور بمظاهر الأغنياء والمترفين ثم نشر أخبار وصور الاحتفالات في الصحف. لم يتنبهوا لمشاعرها ولم يكترثوا برغبتها الداخلية. لم يكلفوا أنفسهم عناء الكشف عن تلك المشاعر والأحاسيس وتركوها وحدها ساعة دخولها على رجل غريب لأول مرة تصافح تقاسيم وجهه وتضاريسه وتتفحص عيونه الضيقة وأنفه المقوس وأسنانه البارزة وشعره الخشن. تتأمل بحسرة جسمه المتكور والمترهل. تفزعها تكشيرته وعبوسه وكأنه جلاد. تركوها عشية لقائها بعريسها وانصرفوا لإخراج الحفل بتراتيب غير مسبوقة تضمن لهم اعتلاء الصدارة عند الحديث عن أفضل حفلات الزواج. أجهدوا أنفسهم بتتبع كل التفاصيل المادية وتنفيذها بإتقان واحترافية. لكنهم نسوا أو تناسوا وجدانيات العروس. لم يقيموا لها وزنا.

اهتموا بالتفاصيل المادية على حساب المشاعر الإنسانية والاختيار الذاتي لابنتهم فكان طبيعيا أن تأتي النتيجة "لم ينجح أحد". حين عادت الفتاة مطلقة لم تقف الأسرة إلى جانبها مواسية لها لتلملم ما تبعثر من حياتها وتداوي جراحها بل على العكس زجرها ولي أمرها "الأدرى بأمرها ومهرها"! وعنفها ووصفها بالفاشلة وأنها لا تستحق أن تكون زوجة. رماها بكل الرزايا رغم أنه من ساقها إلى مصيرها المجهول والحياة المرة التي لم تكن من اختيارها لتعود منها أدراجها ليعيروها بالمطلقة وليحكموا عليها بالرفض الاجتماعي والموت البطيء.

ودت الفتاة ساعتها لو قضت كل عمرها في بيت أهلها بدلا من تلك الزيجة التعيسة ومسبباتها المضحكة. تتزوج الفتاة من الرجل لأنه غني أو من أسرة مرموقة أو أنه بحسب ما روي عنه ملتزم ويخاف الله وبطريقة زواجات "شختك بختك" التي عفا عليها الزمن. زواجات الانفصالات والطلاق والتي رفعت نسبه إلى حوالي 40%.

أسألوا أنفسكم لماذا يكثر الطلاق في مجتمعنا ويقل في المجتمعات الأخرى؟ ثم لماذا لا يترك الأمر لصاحبة الشأن لتختار بمشاعرها وعقلها من يرافقها في دربها الطويل لا من يفرض عليها بقوة الأب أو دموع الأم.