في لقاء مع الصحافي المصري الكبير محمد حسنين هيكل في مكتبه في القاهرة عام 1997، سئل عن رأيه بمستقبل لبنان وعما إذا كان تخطى مرحلة الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما، فأجاب أن لبنان في طور "التأثيث"، أي بمعنى أن لبنان يؤثَث، ولا يؤسَس، وشتان، ما بين التعبيرين.

منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، لم يستطع لبنان أن يخرج من المرحلة الأولى، وذلك عائد لكثير من الظواهر، كان أبرزها استقالة الدولة من دورها المحوري بالإمساك بمفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولم يستطع الدخول في المرحلة الثانية لسبب ذاتي.

ما شهده لبنان في الأيام الماضية، كان لافتا لجهة العجز عن القيام بالدور المفترض للسلطة في حفظ أبنائها والمقيمين على أرضها من عرب وأجانب، وهو ما يلحظه الدستور اللبناني، عندما يتحدث عن دور القوى الأمنية.

لا بل إن الأمر تطور إلى الأسوأ عندما تتبنى مجموعات عائلية وعشائرية، وعلى الإعلام مباشرة، ودون أي خوف أو وجس من العقاب، خطف رعايا، والتحقيق معهم وعرض ذلك على وسائل الإعلام.

خطف أي مواطن، وفي أي بلد من بلدان العالم، أمر مرفوض ومدان ومستنكر، والجهات الرسمية هي من يتولى أمر التفاوض مع أي جهة معنية، وليس الأهل والأقارب.

المخرج من دوامة عجز الدولة يكون بإسناد المسؤوليات إليها وليس بتجريدها منها، ولنا من المظاهر التي جرت في لبنان مؤخرا شواهد على ذلك.