لست أدري من أين أبدأ وأين أنهي كلامي، فالجراح كثيرة والغصص متعددة، لكني سأبدأ أولا بتذكير المجتمع بالعدل الذي لا يجور والحق الذي لا يظلم وكفى بالله حسيبا.

لا أدري لماذا نعامل - كطبيبات - بطريقة لا إنسانية وكأننا ارتكبنا جريمة لا نعرفها أو خطأ لم ندركه، فنحن مذنبات حتى نثبت العكس!

فرغم تحملنا صعوبة التعليم والسنوات الطوال في دراسة الطب وما يتبعه هذا من سهر الليالي والإعراض عن كل شاغل بغية إنهاء دراستنا بأفضل وجه ممكن.

رغم تحملنا تناقص فرص الارتباط والزواج وهو نقطة محورية في حياة أي أنثى...

وأيضا تناقص فرص الحمل والإنجاب وهو حلم أي امرأة في العالم.

كل ذلك من أجل أن نصبح طبيبات مسلمات نعالج بنات البلد فلا يراهن الأجنبي ولا يلمسهن، رغم كل تلك التضحيات التي تطول ولا تقصر، إلا أن المجتمع يعاملنا وكأننا أجرمنا في حقه ولم نحسن! وكأننا نريد به فسادا لا إصلاحا!

نحن لا نطلب من المجتمع أن يقدرنا ويرفع من شأننا، نحن نريده فقط أن يكف عنا ظن السوء، فدخولنا المجال الطبي لا يعني أننا خرجنا من حيائنا وعفتنا التي تميز المرأة عن الرجل.

والأدهى والأمر أن الذي ينظر لنا بريبة ويعاملنا بشك هو أول من يرسل نساءه لنا لنعالجهن بدل أن يعالجهن الرجال!! فأي قسمة ضيزى وأي ميزان أعوج؟!

أتشك فينا في البداية ثم تأتمنا على عرضك فيما بعد؟ أتنظر لنا بعين الازدراء وكأننا لسنا نساء عفيفات؟ نحن اخترنا الطريق المرّ بغية رضا الله وخدمة للإنسانية والمجتمع.

والمأساءة تتكرر في المستشفى بتعامل المرضى مع الطبيبة أو الممرضة، نحن قبل دخولنا الطب أبناء عوائل محترمة، ففينا الأخت والبنت والزوجة، ولسنا قادمات من كوكب آخر، نحن تربينا في أسرنا على القيم والخلق والمبادئ التي انعكست آثارها في مجال دراستنا وتعاملنا مع الجميع.

من يزايد على أخلاقنا وعفتنا بزعم البيئة المختلطة فإني أجيبه:

نحن نعمل بحسب المتاح لنا وقد وفرت الدولة رعاها الله المرافق الصحية بالنظام الذي تراه، فالضرورة الطبية لخدمة المرضى وعلاجهم هي فوق كل اعتبار.