يقول بعض الفلاسفة: "أحمق من يعتقد أنه فهم المرأة"! و"الأخ/ أنا" يضيف: وأحمق منه من يثق في سياسة أميركا تجاه المنطقة العربية! وهو ما يفسر احتكار المرأة لمنصب "وزير الخارجية الأميركية" في العقدين الأخيرين: "مادلين أولبرايت"، ثم "كونداليزا رايس"، وأخيراً المهايطة الكبرى "كلنتون" بسياستها "الأوبامية" اللون، فلا هي "موغابية" سوداء، ولا هي "رامسفيلدية" حمراء عطراء! لكننا لو رجعنا بالذاكرة إلى خطاب الزميلة الملحاء/ "كونداليزا" عام 2005م، بمناسبة مرور ستين عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية لأدركنا أن موقف أميركا في منتهى الوضوح حين تقول: "قبل ستين عاماً قررت أميركا تغيير الخارطة الأوروبية ونجحت! وعلينا اليوم تغيير خارطة الشرق الأوسط وسننجح إذا تعاملنا مع الجماهير مباشرةً"! وهي تستلهم رؤيتها من سلفها الأملح الأوضح/ "كولن باول" في اعترافه بالخطأ الفادح في غزو "العراق" وخلع ضروسه بالقوة؛ بينما كانت الحكمة تقتضي أن تفعل أميركا ذلك بأسلحة الصراع السلمي، من عولمة، وحريات، وثقافة ديمقراطية؛ كما كانت ترى سلفه/ "مادلين أولبرايت"، وراجع خطابها في المؤتمر العالمي للإسكان والتنمية، المنعقد في القاهرة أواخر التسعينات الميلادية!

أما "براجماتية" الإدارة الأميركية "الميكافيلِّية" "السُّوريا/لِيَّة"، فما هي إلا تكرارٌ لقصة ذلك "المملوك" الوفي، الذي وجد سيِّده مفلساً يبيع كل شيء، حتى لم يبقَ غيره؛ فقال بكل شهامة: بِعني يا مولاي! قال: ومن أين لي رفيق مخلص مثلك؟ قال: بعني وكلها يومان وأعود إليك! كيف؟ قال: ما عليك إلا أن تقول لمن يشتريني إبراءً لذمتك: ليس في هذا المملوك سوى عيبٍ وحيد، ألا وهو "خَمْبَةٌ" ـ أي حالة نفسية ـ تعتريه في العام مرةً واحدةً فقط! وعلى المشتري أن يتجنبه إذا جاءت "خَمْبَتُهُ" ويبتعد عنه حتى تزول بسلام، وإلا فلن تنفعه "حماية المستهلك"!

واشتراه أحدهم، فمزاياه تفوق كل "خمبة"! وذات يومٍ، بينما كان المالك الجديد يتنَزَّه على الشاطئ، سأله المملوك: لماذا لا تسبح ياعمي؟ قال: لا أجيد السباحة! قال: ولا يهمك، اركب على ظهري وأعلمك! وحمله على ظهره وأوغل شيئاً فشيئاً؛ حتى إذا بلغ منتصف البحر قال له: عمِّي..جاءت "خَمْبَتِي"! انزل لو سمحت! وعاد إلى سيده الأول؛ إذ لم يجرؤ على شرائه أحدٌ ولا أربعاء!

وكل العالم يعرف "خمبة" أميركا، ماعدا بعض العرب الأبعض؛ الذي ظل يقنعها بأن الديكتاتورية هي الأصلح في حكم شعوبهم؛ إذ لا بديل إلا "الإسلامويون" المتطرفون، لاسِيِّما في الموقف من سيدها الأول/"إسرائيل"! وسايرتهم أميركا، وحملتهم على ظهرها حتى اكتشفت أنها فقدت الأمن الذي ضحَّت بالديمقراطية من أجله؛ كما قالت الزميلة "كونداليزا"! واستمرت أميركا في تعاملها مع الشعوب بدءاً من "كفاية"، وانتهاءً بـ.... وهل لمسلسل "خَمْبَاتِها" نهاية؟!