الأمير سعود الفيصل، قرأنا خبر مرضه ووجوده في المستشفى شفاه الله. وحقه علينا أن نقول له شكرا، فهو حالة خاصة ونادرة. هو أعرق الدبلوماسيين السعوديين، قضى معظم أيام عمله بين الأرض والسماء، في رحلات عمل بلا راحة، من أجل خدمة كلف بها لوطنه، فالتزم بها بجدية، نراه من بعيد في مواقفه رجلا حازما وحاسما، ولكن بدبلوماسية مميزة، ليس في ذاكرتنا سواه وزيرا للخارجية، والكثير لم يعاصر غيره وزيرا للخارجية. له مواقف نعرفها من خلال الإعلام ومواقف أخرى لا نعرفها، ملامحه حتى في أحلك الظروف تعطي الإحساس بالثقة، يتحدث باحترام جدا وبأسلوب مقتضب، ومحدد في ردوده، لا يَستفز ولا يُستفز، هو (مؤسس الدبلوماسية السعودية الحديثة)، المتميزة بالاحترام لمواقف الآخرين والتقدير، وهي كذلك جزء من شخصيته.

أعطى لوظيفته بعدا آخر، فهي ليست دبلوماسية مواقف، بل تأسيس حالة وطريقة وأسلوب، لم يملك وقته لنفسه، ولم نفتقده مع أنه دائما يكون في رحلات عمل، يوحي لنا في كل أزمة أنها ستمر بسلام.

يحترم ويصغي في المؤتمرات الصحفية لمحدثيه، ولو تطلب الأمر إجابة فيها نوع من الدعابة، فهو يوصلها بشيء من الجدية. لقد مثل بلده في كل المواقف بأمانة غير مصطنعة، بل كما يجب وكما هو مطلوب، وأعطى للدبلوماسية أبهة واحتراما، بعيدا عن الغرور، ففرض لها هيبة أسقطها من شخصيته دون قصد.

إن وزير خارجية بلادنا، الذي نقدر له بصدق كل ما قام به بوفاء وإخلاص وجدية، وهذه أوضح صفاته، قد أسس لدبلوماسية الأخلاق، وسياسة الثقافة والحزم والاحترام، بلا استعراض أو استعلاء، فتحامل على ألمه، وقاوم مرضه في لحظات صعبة، ليعلي واجب العمل، وليكون قدوة فكانت رسالته صعبة جدا.

والآن، ندعو له بالصحة والعافية، ونكرر له الشكر والامتنان على ما قدم من عطاء، فهو مقاوم في موقعه، قضى جل عمره من سفر إلى سفر، لأجل قضايا يكلف بها لمصلحة وطنه، ومصلحة الوطن العربي والإسلامي.

نتمنى أن يتم تناول وتتبع سيرته العملية بكتاب؛ ليكون مرجعا للدبلوماسية المحترمة والجادة.

نسأل الله أن يمن عليه بالشفاء، وأن يعود ليكمل دوره، وهذا حقه على كل مواطن يدرك من يعمل بجدية وأمانة، فالإخلاص في العمل شكل من أشكال العبادة.