ليست الحرية دكانا يحتاج إلى لوحة دعائية تشير إلى وجوده. كما لا يحتاج تقديمها للشعوب إلى شعارات وأحزاب. من هذا المنطلق يبحث الكاتب السعودي طارق الحسين في أسباب لجوء الإنسان إلى ابتكار شعارات لتقديم الحرية. حيث يؤكد في مقدمة كتابه على أن الحرية لا تحتاج إلى إيقاظ أو تنبيه، فهي "قامة منتصبة في فطرة الإنسان".
وأشار إلى أن حاجتنا الحقيقية تكمن في شعارات حماية الحريات وحقوقها، وإيجادها بمفهومها الصحيح في الثقافة النفسية العربية والإسلامية المعاصرة. وهي الشعارات نفسها –كما يقول- التي حملها القرآن الكريم، وأقر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وسار على نهجها الخلفاء الراشدون ومن اقتدى بهم. وتناول المؤلف في كتابه "الحرية في معتقل الشعارات"، ظهور الحاجة الماسة إلى "الشعار" لدى المجتمع العربي، أو أي مجتمع متعطش إلى الحرية. يرى الحسين أن كثيرا من الشعارات التي ذهبت بحقوق الحرية أدراج الرياح جاءت باسم الثورة على الباطل، ومنها ما جاء باسم الثأر للحق، أو الهروب من الاستبداد أو غير ذلك. الكتاب الذي جاء في خمسة فصول تطرق إلى مواضيع عدة حول مفهوم الحرية وما تعرض له من خلال تحولات تاريخية. ويصف الكاتب المجتمع الإسلامي بالمجتمع الذي تتعايش فيه الديانات والأعراق كافة. معتبرا هذا في الإسلام مفخرة وعظمة لا تضاهى. واستعاد الحسين بعض الصور في التاريخ الإسلامي لحفظ حقوق الآخر واحترام اختلافه. ومنها تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع يهود المدينة من خلال المعاهدة المدنية التي حفظت حقوقهم. إضافة إلى العهدة العمرية لنصارى القدس وغيرها كثير.
وفي حديثه حول مفهوم الجهاد في سبيل الله، قال طارق الحسين، إن الجهاد فرض لا لإدخال الناس في الإسلام، بل لإفساح الطريق أمام الشعوب لتختار دينها بعيدا عن استبداد الجبابرة.
واعتبر المؤلف، ما حدث من صراعات في عصر صدر الإسلام، انشطرت على إثرها راية الأمة إلى اليوم، قد أنتج ما أسماه "ظاهرة التغلب الفكري والحاكم"، مزامنة مع انتقال الصراع من أجل الرحمة ونشر الخير في الخارج، إلى صراع داخلي للحفاظ على المكاسب.
ومضى المؤلف طارق الحسين في فصول كاتبه، في الحديث عن تاريخ الحرية مفهوما وسلوكا في المجتمع الإسلامي، ذاهبا إلى أن الحرية هي فطرة الإنسان التي ما من مولود إلا ويولد عليها.