أثار خبر قصير ولكنه قوي نقله الصحفي أسامة قاشو في وكالة معان الفلسطينية للأنباء موجة من المقالات حول مصير اللاجئين الفلسطينيين، حق العودة للفلسطينيين، و"قانون العودة" الإسرائيلي غير المعقول لعام 1950. من اللافت أن الخبر الذي نشره السيد قاشو عن غرق مركب يحمل لاجئين فلسطينيين بين إندونيسيا وأستراليا حدث خلال انعقاد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في مكة، حيث أعلن الأمين العام للمنظمة التزام الدول الأعضاء بإقامة دولة فلسطينية وإدانتها لانتهاكات إسرائيل اليومية لحقوق الفلسطينيين، وتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وتهديد المسجد الأقصى، والهجمات العسكرية الوحشية ضد قطاع غزة التي أدت لمقتل وإصابة الكثير من المدنيين والأبرياء.

السفير الفلسطيني في الرياض جمال شوبكي امتدح القمة ودعم قادة الدول الإسلامية.

تركيز قمة منظمة المؤتمر الإسلامي على فلسطين، خاصة التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة للقدس، يستحق الثناء، وهو خطوة هامة في طريق الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، خاصة إذا طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في جلسة سبتمبر 2012.

ولكن مأساة الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي المنفى لا تزال مستمرة. فالقارب الذي غرق فيه اللاجئون الفلسطينيون، والذي كتب عنه السيد قاشو، لم يغرق في 1948 أو في الماضي البعيد. لقد غرق منذ أسابيع قليلة فقط. يقول قاشو إن مثل هذه المآسي شائعة في عالم التهريب. لكن هذا الحادث المرعب له بعد إضافي، حيث إن غالبية الركاب المفقودين كانوا لاجئين فلسطينيين. هذا أدى إلى عدم الاهتمام من قبل السلطات الإقليمية التي، حتى بعد مرور 30 يوما على اختفائهم، لم ترسل أي فريق بحث عن المفقودين.

أين ذهب أولئك الفلسطينيون على القوارب المفقودة؟ مثل آلاف من اللاجئين غيرهم كل عام، ربما يغرقون، أو يضيعون في مركز اعتقال منسي، أو أنهم ببساطة يختفون. وحقيقة أنهم كانوا يحاولون دخول أستراليا بحد ذاتها مفارقة قاسية. أستراليا ليست مشعل الأمل أو معبد الحرية الذي يقبل الفقراء والمعذبين.. أستراليا لا تزال تحمل بقايا عنصرية إنجلترا في سياسة الهجرة الصارمة التي لديها.

إن حق العودة للفلسطينيين لم يتم تطبيقه، والحكومة الإسرائيلية تعمل بإصرار لمصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي لزيادة "مجالها الحيوي" من خلال توسيع المستوطنات. القدس كانت الهدف الرئيسي للسياسة التوسعية للحكومة الإسرائيلية على مدى السنتين الماضيتين، ولكن مع التركيز على سيناء المصرية واندلاع العنف هناك، لن يكون مفاجئا رؤية مغامرة إسرائيلية لدخول سيناء وإقامة منطقة عازلة كبيرة. تعيين رئيس الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية السابق آفي ديختر في 12 أغسطس وزيرا للجبهة الداخلية في حكومة بنيامين نتنياهو مؤشر آخر على أن الحياة الداخلية في إسرائيل على وشك أن تصبح أكثر عنفا وخطرا للفلسطينيين، وحتى لليهود المعارضين. ديختر متهم بارتكاب أعمال قتل خارج إطار القانون، بما في ذلك قتل نساء وأطفال فلسطينيين، وهو أيضا شارك في تقديم قرار إلى الكنيست لتغيير قانون إسرائيل الأساسي وإعلان إسرائيل دولة يهودية واعتبار "قانون العودة" لعام 1950 على أنه جزء من القانون الأساسي. تغييرات آفي ريختر ليست إلا ذريعة لطرد غير اليهود من إسرائيل الكبرى. السياسة الإسرائيلية تعتمد سياسة التطهير العرقي، والناشطون الحقوقيون يناضلون ضده. هناك قصة قصيرة تظهر شجاعة وصمود النضال الفلسطيني.

على مدى الأربعين سنة الماضية، احتجت سيدتان شجاعتان، واحدة فلسطينية وأخرى يهودية، ضد المعايير المزدوجة الإسرائيلية وطالبتا بحق العودة للفلسطينيين. السيدتان، الدكتورة غادة كرمي المولودة في القدس وتعيش في المنفى في لندن، وإيلين سيجل وهي ممرضة يهودية من بالتيمور، وقفتا في أكتوبر 2011 أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن لثالث مرة منذ 1973 وهما تحملان لافتتين. الدكتورة غادة كرمي حملت لافتة كتب عليها "أنا عربية فلسطينية. ولدت في القدس، فلسطين وطني ولكنني لا أستطيع العودة إلى هناك." لافتة السيدة سيجل كتب عليها "أنا يهودية أميركية، ولدت في الولايات المتحدة.. إسرائيل ليست وطني ولكنني أستطيع أن "أعود" إلى هناك."

القانون 194 يقول إن الجمعية العامة في الأمم المتحدة تقرر أن الفلسطينيين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم يجب أن يسمح لهم بذلك في أسرع وقت ممكن عمليا، وأنه يجب دفع تعويض عن الممتلكات لأولئك الذين يختارون عدم العودة. القرار لم يطبق مطلقا.

كان أول احتجاج للدكتورة كرمي والسيدة سيجل في لندن في 1973، في الذكرى السنوية لوعد بلفور المشؤوم. وفي 1992 اجتمعت السيدتان مرة أخرى للقيام باحتجاج مماثل خارج السفارة الإسرائيلية وبنفس الرسالة.

الدكتور تيري جينسبرج من نيويورك كتب عن آخر مظاهرة قامت بها السيدتان كرمي وسيجل وعن التزامهما في مقال نشر في ديسمبر 2011. جينسبرج قال "القرار 194 هو القانون الدولي وليس رأيا فقهيا كما يعتقد كثير من الصهاينة. بالتأكيد فإن استمرار تجديده مؤشر على أن حق الفلسطينيين في العودة ليس وهما، في الواقع فإن مثابرة الناشطين مثل غادة كرمي وإلين سيجل تثبت العكس – وتعطينا شيئا نحتفل به."