في مسقط رأسه بمدينة تنومة بمنطقة عسير، بنى رجل الأعمال الشيخ علي بن سليمان الشهري صرحا تعليميا جامعيا كان يريد منه أن يكون كلية تكنولوجية متخصصة، ولا أعرف العراقيل التي واجهت طرح تبرعه الخيري لأهله.
كل ما أعرفه أن المبنى الضخم قد آل هبة من المتبرع الكريم إلى ملاك جامعة الملك خالد، وهو اليوم نواة التعليم الجامعي في هذه المحافظة، وستبدأ الدراسة به في بحر الأسبوع المقبل.
وكنت قد قرأت قبل ما يقرب من عامين في مجلة "بيزنس آريبيا" أن المئة الأولى على قائمة الأثرياء السعوديين يعودون إلى بضع وستين مدينة أو محافظة سعودية، وهو التوزيع الجغرافي الذي أرى أن مجرد (نصفه) يكفي لأن يتبرعوا لأهاليهم بشيء من ضريبة الجذور ليبقى الاسم شاهدا على فعل الخير.
"خيركم خيركم لأهله"، أنا لن أغمط حق كثير أسهموا بسخاء في مثل هذا المعروف، وكل القصة التي أكتب حولها اليوم هي في تنويع أفكار العمل الخيري.
رجل الأعمال الفاضل الآخر الذي تبرع في مكان بعيد بأجهزة تنقية مياه أسهم في إنقاذ العشرات من أمراض كانت وباء مستشريا بذات المكان الذي أعرف تاريخه جيدا، وبفضله كما عرفت العام الماضي لم تسجل حالة فشل كلوي، على سبيل المثال، خلال السنوات الأخيرة بعد أن كان هذا الداء رأس القائمة المرضية.
ابتدأت دراستي العليا في جامعة كولورادو الأميركية، حيث كانت المكتبة الضخمة تبرعا من ثري اسمه (جون بالدوين) وفيما أتذكر فلا يمر يوم دون أن يكون اسمه تكرارا على ألسنة آلاف الطلاب. رحل المتبرع وبقي اسمه أيقونة خالدة.
وعلى افتراض أن الكلية الجامعية في تنومة ستقبل في العام الواحد مئتي شاب؛ فلكم أن تحسبوا أزهار علي بن سليمان الشهري بعد عقد من الزمن حين تكبر وتذهب إلى مستقبلها وحياتها العامة.
وحتى لو لم يطلب هذا أبدا، فأنا أقترح تسمية الكلية باسمه تشجيعا للقادمين من القادرين على ذات الطريق. والخلاصة أن هناك عشرات الأفكار الكبرى للعمل الخيري، ولكننا نضع أمامها عشرات المحاذير والعراقيل؛ نستطيع أن نمسحها بجرة قلم إذا ما توفرت الإرادة.