عقب مجموعتين سابقتين (فهرس الأخطاء 2007) و(يتوكأ على عماه 2009)، يمكن في مجموعته الشعرية الثالثة "متحف النوم" تلمس ملامح متقطعة وخافتة من السيرة الذاتية للشاعر عبود الجابري بمفردات قليلة أحياناً تتوزع بين قصائده لا على التعيين، فيما يستحضر هاجس الوطن الذي لا شفاء منه بمواجهة فداحة النفي والاغتراب، وبالقدرالذي تظل الكلمات فيه مشحونة بشقائها الكبير وأقصى ضرورات الأمل، وتظلّ كلُّ قصيدةٍ مختومةً بعطشٍ أبديٍّ لمطلق الأشياء والمعارف والإشارات. فالخلاص الذي ينشده الشاعر/ الإنسان في لحظة ما، يصير نسبياً في لحظة تالية، وتقابله إنكسارات أخرى متواترة، بينما يظلُّ مرشَّحاً دائماً للحلم.

في المجموعة الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية عمان، في 144 صفحة من القطع المتوسط، رسم لوحة غلافها الفنان العراقي صدام الجميلي، واحتوت على ثلاث وعشرين قصيدة، كمن يراهن الجابري على فرس يعرف مسبقاً أنها خاسرة، يصلُ الجابري بقصيدته إلى أقصى ما تمنحه اللغة بنفسٍ شعري متخفف من ادعاءاتها، دون مجاهرة مباشرة أو مكابرة جوفاء بقدرة الشعر وحده على تغيير وجه العالم والحياة والأشياء، متعلِّلاً بأنَّ القصيدة ما هي إلا استجابةٌ مباشرةٌ لوخز الألم، ووفاءٌ لنذورالشَّاعر التي ستظلُّ ترقد معه بسلام في متحف نومه:

نجمةٌ لكل وحيد يخوض في بئر ظلامه

نجمةٌ لكل طريق يتلذذ بخلوة عاشقين

نجمةٌ لقمر وحيد

نجمةٌ لك

ونجمةٌ لي

حين نقتسم هذا الجناح اليتيم

فنموت

أو (نتخذه بلدا)