يتباشر الناس أمس فرحين بجمع 20 مليون ريال لعتق رقبة شاب من القصاص.. وليست هذه الأولى ولن تكون الأخيرة! وظاهرة "شريطية الموت" كما يسميها الكاتب خالد السليمان، أو "هوامير الديات" كما يصفها الدكتور سعيد السريحي، أو "تجار الدم" كما يعنونها الكاتب شلاش الضبعان، ستشوه صورة المجتمع وستسيء إلى سمعة البلد إذا لم تتوقف أو تُوقف.
ورغم سوء الظاهرة، إلا أنها كانت خير شاهد على "طيبة" هذا الشعب ورحمة المواطنين ببعض رغم اختلاف القبائل والمناطق، وأظهرت تعاونهم وتآلفهم وتوادهم وتعاطفهم. فلم يهدأ الناس ولم يتوقفوا عن حث بعضهم على التبرع والمساعدة في عتق الرقاب، بعدما صدموا بمن يطلب عشرات الملايين للعفو عن قاتل.. لإنقاذ رقبة "شاب" من ساحة القصاص بعد ألف "موتةٍ" في السجن بانتظار السياف.
ومن صور التعاطف والتعاون ما تناقلته وسائل الاتصالات الحديثة من اقتراح لعتق رقبة شاب بتوفير 30 مليون ريال عن طريق تبرع 5% من الشعب فقط بمبلغ 30 ريالا فقط، ليكون مليون مواطن × 30 ريال = 30 مليون ريال.
إذا كانت أيادي الخير خلصت رقبة شابٍ من القصاص بعد أن كانت نجاته مستحيلة في ظل مطالب ولي الدم التي بلغت 30 مليونا، وخلصت رقبة شاب آخر بـ 28 مليون ريال، وفرحت أمس بجمع 20 مليونا لعتق رقبة شاب ثالث؛ ربما يأتي من لا يقدر أهله على جمع مبلغ العتق، أو يأتي وقت يتضايق أهل الخير من كثرتها. يبرر البعض بروز الظاهرة بأن بعض ذوي الدم لا يرغبون بالعفو ويخجلون من رفض الشفاعات فيربطونها بمبلغ كبير ليُعجزوهم فلا يلامون بعد تنفيذ القصاص. وحتى لو اقتنع بعضنا بهذا التبرير أو غيره؛ فإن تكرار الملايين يؤكد أن الجشع ولا غيره هو ما يسيطر على بعض النفوس بحجج أخرى.