منذ فؤاد المهندس، الذي عرفنا به ـ نحن العرب ـ شيئاً اسمه الكاميرا الخفية، بات هذا النوع من البرامج مفضلا عند الكثير من المشاهدين؛ لما يتسم به من عفوية في ردود الأفعال، ولكون الأبطال فيه من البشر العاديين الذين يمشون في الأسواق، ويجلسون على الأرصفة، ويكدحون غير عابئين بالضوء، ولا باحثين عنه، حتى إن بعضهم لا يعرف من الكاميرات إلا اسمها دون رسمها.

هذه العفوية هي السر الكامن وراء نجاح هذا النوع من البرامج، وهي التي تجعل المشاهد يثق في أنها منقاة من شوائب التمثيل الذي مله الإنسان في التمثيل نفسه، وفي الحياة كلها، بيد أن تحول هذه البرامج من الشارع إلى الأستوديو، ومن العامة إلى النجوم، وإلى الممثلين على وجه الخصوص؛ جعلها تفقد الكثير من عفويتها، وبالتالي الكثير من مصداقيتها، إذ بدأ المشاهد يشعر بأنه أمام تمثيل متقن، من ممثلين محترفين، إلى الدرجة التي يصير فيها التمثيل عكسيا أحيانا، كما حـدث مع الممثلة صابـرين التي قلبت المقلب في وجـه "رامـز قلـب الأسد"، مما يشي باتفاق مسبق، له شكل ما، لكنه اتفاق في كل الأحوال.

إن ظهور برامج الكاميرا الخفية التي تركز على النجوم، من مثل: "صادوه، وأصانصير، ورامز قلب الأسد، ورامز ثعلب الصحراء، وغيرها الكثير"، يعني انتقالها من مرحلة الصدق إلى مرحلة الاحتيال، ومن مرحلة المشاركة الواسعة، إلى مرحلة الاحتكار الضيق، فضلا عما توحي به من الاستخفاف بعقل المشاهد الذي بات حائرا بين الصدق وضده، وبين أن تكون الكاميرا مستترة أم ظاهرة.

أيها الممثلون، أعيدوا صفة الخفاء إلى الكاميرا التي كانت خفية، أو اتركوها لمن لا يعرفهم الناس بسيماهم، عل طعمها القديم يعود خالصا من شوائب "طبخاتكم"، وكي نشاهد الكاميرا الخفية كما كانت في "زمن الطيبين"، وقبل أن نردد "راحوا الطيبين".