تابعت الأسبوع الماضي، بكل التفاصيل، خمس حلقات حوارية باسم ـ المراجعات ـ مع شيخ العلم والطريقة، محمد سرور بن زين العابدين الذي قضى بين ظـهرانينا سـنوات طـويلة، وربما كان من القلائل إن لم يكن الأوحد الذي جاء إلينا فرداً وغادرنا وهو بقـائمة أتباع تحولت بالفعل إلى مدرسة لا ينكرها أحـد وتـحت اسمه؛ حيث تنتسب إليه المدرسة (السرورية).
وعلى يديه، وهو ثابت لم ينفه، استطاع محمد سرور أن يأخذ أتباع مدرسته إلى المنطقة الوسطى الجديدة ما بين مزج الفكر السلفي التقليدي في الخليج مع الفكر الإخواني، مستغلاً خدمة عامل التوقيت الذي جاء به في بواكير العمل الصحوي. ويحمد للشـيخ سعة أفقه وصـدره طوال أسئلة المراجعات وتأكيده على مبدأ الحوار والنقاش، بل والإصرار على الانفتاح على الجميع.
وما يلفت نظري ـ ولهذا كتبت اليوم ـ هو السؤال الأخـير من السـلسلة الذي أعـتبره صـلب السـؤال الجـوهري بين كـل أسـئلة المراجعـات وهو يقول: (إن المرء الذي لا يتغير ولا يسـتدرك ليعيد النظر في آرائه ومواقفه مع الزمن إنما هو ـ فكر ـ جامد وأنا وقد بلغت السبعين لا بد ألا أنسى هذه القاعدة في المنطلقات الفكرية).
وطالما أن الشيخ قبل الحوار بل أكد على صيرورته وضرورته أقول له إنه لم يأخذ مشـهدنا الفكري، وبالخصوص الدعوي والديني، إلى الأزمة الخانقة مثلما أخذته فكرة ـ التراجع ـ التي تختلف عن مفهوم المراجعة. الشيخ نفسه أصبح مرجع مدرسة كبرى تنتسب إليه، وهنا المفارقة المدهشة أن أتباعه الكثر ما زالوا على النهج القديم له بينما هو يؤسس اليوم لإعادة النظر في مواقفه بما فيها ـ وكما قال ـ إعادة طبع كتبه في تعديل مهم لأبرز محطات الأفكار.
الأتباع لم يكونوا (جهازاً) آلياً تستطيع معه تحديث الجهاز ليصبح نسخة مختلفة مثلما هو الشيخ. الفرد ديناميكية متجددة بينما يصعب تطبيق هذا على الجماعة، وهنا بيت القصيد، حين يكون صاحب الطريقة أقرب للمربع الجديد بينما أتباع المرحلة القديمة ما زالوا في المربع السابق.