السؤال الرئيس في هذا المقال يدور حول أوضاع شوارعنا، وطرقاتنا، ونص السؤال:
لماذا معظم شوارعنا وطرقاتنا في وضع سيئ؟ وعند البحث عن إجابة عن هذا السؤال نجد أن هناك العديد من الإجابات التي قد تسهم في معرفتنا، وإدراكنا لحال شوارعنا، وطرقاتنا في مختلف المدن، والمحافظات، والمراكز، ولعل من أبرز هذه الإجابات عن هذا التساؤل ما يلي:
1- قد تسهم عمليات المناقصة والترسية لكثير من مشروعات تنفيذ، وصيانة الطرق، والشوارع، وغيرها من المشروعات في الإجابة عن هذا السؤال؛ فنظام المنافسات، وفحص العروض، وما يتبعه من ترسية للمشروعات بحاجة إلى إعادة نظر، بل إلى غربلة؛ لأنه لا يتماشى مع الواقع الذي نعيشه في الوقت الحاضر، ويتم اختيار أقل العروض، ومن ثم يكون الأسواء في التنفيذ، أو في الصيانة، كما أن لعملية اختيار أعضاء لجنة فحص العروض دورا كبيرا في نجاح مثل هذه المشرعات من خلال ما يقومون به من جهد في اختيار من ينفذ مشروعاتنا الحيوية، ولذلك حسن اختيار أعضاء هذه اللجنة مهم جدا في نجاح مهمتها.
2- عملية ترسية المشروعات على الجهات المنفذة هي السبب الآخر في تـردي حـال شوارعنا، وطرقاتنا؛ حيث يتم ترسية المشروعات على مؤسسات أو شركات غير مؤهلة لإنجاز مثل هذه المشروعات حتى وإن كان لديها تصنيف يؤهلها للدخول في المنافسة، ولكن للأسف لا يتم اعتبار تاريخ مثل هذه المؤسسات، وسمعتها، وإنجازاتها السابقة، والمشكلات التي تعاني منها، بل تتم الترسية؛ لأنها الأقل، أو لأن هناك من يميل إلى أن يكون هذا المشروع من نصيبها في لجنة فحص العروض والترسية.
3- لا يمكن عزل سوء اختيار مؤسسات التنفيذ لمشروعاتنا عن سوء التنفيذ؛ فالتنفيذ يتم بأقل المواصفات، ولا يتم الالتزام بالمواصفات المتفق عليها في كثير من مشروعاتنا؛ لأنه لا توجد متابعة في مراحل التنفيذ المختلفة، والمتابعة الميدانية غائبة، ولا تتعدى المتابعة الورقية والمكتبية فقط، ولذلك فتنفيذ المشروعات يتم بأدنى مستويات الجودة في غياب الرقابة والمراقبة، وكل هذه العوامل تسهم في تهالك شوارعنا بسرعة، ويعد ذلك من الإجابات عن تساؤلنا الرئيس في هذا المجال.
4- بعد الانتهاء من تنفيذ هذه المشروعات وبوقت قصير جدا تبدأ عمليات قيصرية، وعمليات كبرى، وأخرى صغرى لمعظم شوارعنا، وطرقنا من قبل الشركات، والمؤسسات الخدمية مثل: شركة الكهرباء، وشركات الاتصالات والمياه، والصرف الصحي، والإنارة، وغيرها من الخدمات الأخرى، وبعد عمليات الحفر يتم دفن، وسفلتة هذه الحفريات من قبل مؤسسات غير مؤهلة، وغير متخصصة وبطرق بدائية، ولذلك يتم تشويه شوارعنا، وطرقاتنا بشكل مباشر، وتحدث تشققات، وهبوط لجميع هذه الحفريات، وتبدأ مرحلة التهالك السريع لهذه المرافق، وهنا أرى أن تتم كل هذه الخدمات قبل الرصف والسفلتة بشكل نهائي مثل ما يحـدث في كثير من دول العالم.
5- الإجابة التالية عن هذا التساؤل تكمن في عدم خروج المسؤولين في الأمانات، والبلديات في زيارات تقييمية لشوارعنا، وطرقاتنا المختلفة ليشاهدوا واقعها عن قرب، وتشققاتها، وحفرياتها، ومطباتها... وغير ذلك من التشوهات التي تعاني منها، ومن ثم يوصون بالصيانة بشكل مباشر، إلا إذا كان لهم طرق أو شوارع أخرى لا نعرفها، ولا تعاني ما تعانيه شوارعنا فهذا شيء آخر، وهنا أدعو المسؤولين في هذه القطاعات إلى النزول إلى المـيدان، ومـن ثم الحـكم عـلى ما يـرونه، واتـخاذ الـلازم حـياله.
6- الإجابة الأخرى تتمثل في أن أعمال الصيانة، والمحافظة على هذه الشوارع مفقودة، مع أن هناك مشروعات صيانة لشوارعنا، ولكنها لا تتعدى أن تكون على الورق، ولا نرى كثيرا منها على الواقع، أو في الميدان، وهنا أرى أنه من الضروري أن تكون هناك خطة واقعية لصيانة شوارعنا، وطرقنا يتم جدولتها بشكل منطقي، ويتم تنفيذها كما هو مخطط لها، ولا يتم نقل مخصصات الصيانة لمشروعات أخرى غير ضرورية.
7- وهناك جواب بشكل غير مباشر وهو أن المسؤولين في هذه الجهات لم يستفيدوا من خبراتهم التي شاهدوها أو تعرفوا عليها في أثناء زياراتهم للدول المحيطة التي قد تكون إمكانياتها المادية والبشرية متواضعة، ولكن شوارعها نظيفة، ولا تعاني مما تعاني منه شوارعنا، وهنا لا بد من المراجعة، والتعرف على الأسباب الحقيقية وراء هذه الإخفاقات، ومن ثم العمل على تلافيها.
8- قد يكون من ضمن الإجابات عن هذه الأسئلة أن كثيرا من العمالة الوافدة في مدننا الصناعية في مجال الميـكانيكا محـظوظون بـواقع شوارعنا المتـهالك الذي يسهم في زيادة زبائنهم من أصحاب السيارات التي تتأثر بالحفريات، والتـشققات، والمطبات التي تؤدي إلى عطب السيارات، وحـاجتها إلى إصـلاح، وبـذلك فالعمالة في هذه الورش هي المستـفيدة بالدرجة الأولى من وضع شوارعنا.
وأعتقد أن هناك العديد من الإجابات التي يمكن الوصول إليها حول هذا التساؤل، وقد يمكن الرجوع إليها والاستفادة منـها في إصلاح وضع شوارعنا.