فيما تزايد عدد القتلى السوريين بسقوط 43 أمس، تراجع موقف العرب في قمة بغداد حيال الأزمة بدعوتهم إلى حل سلمي.

وتصدرت الأزمة السورية أعمال القمة العربية الـ 23 في بغداد أمس، لكن النظام السوري أعلن تجاهله لما يصدر عنها. وأجمع الزعماء العرب في كلماتهم وفي القرارات التي اتخذتها القمة، على أن المهم في المرحلة الراهنة تنفيذ النقاط الست التي طرحها المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان.

وأعلن الأمين العام للجامعة العربية أن الملف السوري سيعرض مجددا على مجلس الأمن خلال أيام.

وفيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري إلى أن يحول قبوله للخطة الأممية إلى فعل يبعد بلاده عن "مسار خطر" يهدد المنطقة بكاملها، متهما حكومة دمشق بـ"وضع شعبها تحت الاستخدام المفرط للعنف والفشل في توفير الحماية له". وفي سياق متصل دعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في كلمته للقمة، إلى تكثيف الضغط على النظام السوري لإقناعه بنقل السلطة وإرسال قوة سلام عربية تحت راية الأمم المتحدة والجامعة العربية.

ولم يمنع انعقاد القمة، القوات السورية من مواصلة عملياتها العسكرية في مختلف المناطق، حيث سقط 43 قتيلا وشرد الآلاف، مما دفع خبراء الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي الذين شاركوا في مهمة تقويم في سورية إلى التأكيد أن أكثر من مليون سوري بحاجة إلى مساعدة إنسانية.

تفاصيل "مقال رئيس التحرير" ص 5،4، "رأي الوطن"




استحوذ ملف الأزمة السورية على الاهتمام الأكبر خلال أعمال القمة العربية التي انعقدت في العاصمة العراقية أمس، حيث أكد الزعماء العرب في الجلسة الافتتاحية على ضرورة الحل السلمي للأزمة.

وفي كلمته في افتتاح الدورة الـ23 للقمة أكد رئيس المجلس الوطني الانتفالي الليبي مصطفى عبدالجليل على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". لكن عبدالجليل الذي رأست بلاده الدورة السابقة للقمة أعرب عن القلق حيال "مشاهد الإبادة والتعذيب التي يرتكبها النظام السوري" وهو ما يلزم اتخاذ خطوات سريعة لمتابعة الجهود المبذولة لحل الأزمة. وسلم عبدالجليل الذي أعلن رسميا استعادة علاقات بلاده مع العراق بعد انقطاع تجاوز 8 سنوات الرئاسة الدورية للقمة إلى الرئيس العراقي جلال طالباني ليصبح أول كردي يتولى رئاسة القمة العربية.

وقال طالباني إن "غياب سورية لا يقلل من أهمية هذا البلد الشقيق." وأعرب بدوره عن القلق حيال "أعمال العنف وسفك الدماء". وأكد الرئيس العراقي على السعي "لإيجاد حل سلمي لهذه الأزمة من خلال الجامعة العربية مع الاستعانة بجهود الوسطاء الدوليين من خلال المبعوث المشترك كوفي عنان".

العربي

وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن أمله في أن ينسجم أعضاء مجلس الأمن ويتوصلوا إلى موقف موحد يؤدي إلى حل الأزمة السورية. وقال في كلمة ألقاها خلال افتتاح القمة العربية إنه "حتى الآن لم تصل الجهود العربية ولا الدولية المبذولة إلى مبتغاها في حل الأزمة، غير أن بدء تعامل مجلس الأمن بانسجام عقب إصدار بيانه الرئاسي الأسبوع الماضي لدعم مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان يشكل تطورا إيجابيا ويجب البناء عليه".

بان كي مون

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الرئيس السوري بشار الأسد إلى أن يحول قبوله لخطة الأمم المتحدة إلى فعل يبعد بلاده عن "مسار خطر" يهدد المنطقة بكاملها. وقال بان "من الأساسي أن يضع الرئيس الأسد تلك الالتزامات موضع تنفيذ فوري. العالم ينتظر ترجمة الالتزامات إلى فعل. الأساس هنا هو التنفيذ ولا يوجد وقت لإضاعته". واتهم بان حكومة دمشق بـ"وضع شعبها تحت الاستخدام المفرط للعنف والفشل في توفير الحماية له". ووجه الأمين العام للمنظمة الدولية حديثه إلى القادة العرب قائلا "استمعوا إلى شعوبكم". وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، دعا بان إسرائيل والقادة الفلسطينيين إلى "التوصل إلى اتفاق تاريخي مشترك" مؤكدا على "حق الفلسطينيين الشرعي للوصول إلى دولة ضمن حدود آمنة، وإسرائيل كذلك".

وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أغلو إن "الإجماع الدولي على المقترحات الـ6 التي تقدم بها عنان وموافقة الحكومة السورية عليها أمر يبعث على الأمل ونتمنى أن تصدق النوايا هذه المرة". وأشار إلى أن المنظمة أجرت مفاوضات مع الحكومة السورية للسماح للمنظمة والأمم المتحدة "بإرسال بعثة لدراسة الوضع المأساوي".

قطان:

وأكد رئيس وفد المملكة إلى القمة، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر ومندوب المملكة لدى الجامعة العربية، أحمد بن عبدالعزيز قطان في كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة أن أحد أهم وأكبر التحديات التي تواجه العالم العربي في الوقت الراهن هو التحدي الاقتصادي. وقال إن "العالم يمر بأزمة اقتصادية ألقت بظلالها على العالم، ومنها العالم العربي الذي هو الآن أحوج ما يكون للنهوض باقتصاده". وأضاف "إن الظروف التي يأتي فيها انعقاد القمة بالغة الدقة وتتطلب منا أن ترتقي القرارات إلى مستوى الآمال والطموحات التي تصبو إليها الشعوب العربية".

أمير الكويت

وفي سياق متصل قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي يزور العراق لأول مرة للمشاركة في القمة إن "إطالة أمد الأزمة السورية لا يسهم إلا في تعقيدها". وأضاف "الحكومة السورية مدعوة للإنصات للغة الحكمة والعقل والتجاوب مع الجهود المبذولة". ورأى أن العراق يعود إلى دوره المعهود في العمل العربي المشترك. ورحب باستعادة العراق لحريته وكرامته وديمقراطيته إثر الحقبة المظلمة السابقة. وأضاف "نسعى مع الشعب العراقي لتجاوز الآلام والجراح".

المرزوقي

ودعا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في كلمته للقمة، إلى حل يعتمد على رفض التدخل العسكري ورفض تسليح المعارضة وتكثيف الضغط على النظام السوري لإقناعه بنقل السلطة وإرسال قوة سلام عربية تحت راية الأمم المتحدة والجامعة العربية. وقال المرزوقي "النظام السوري لا يريد شيئا قدر إطالته الصراع إلى حرب طاحنة يستطيع إدارتها إلى أطول وقت ممكن والتفاوض حول نهايتها من موقع القوة"، داعيا إلى "تكثيف الضغط السياسي على النظام وإقناع ما بقي له من حلفاء بأن هذا النظام مات في العقول والقلوب ويجب أن ينتهي على أرض الواقع حيث إنه لا مستقبل له". وتابع "علينا إقناعه بأن لا حل غير تنحي الأسد لصالح نائبه الذي سيكلف بتشكيل حكومة تدير مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات حرة ونزيهة تعيد للبلاد السيادة والمواطن الكرامة".

سليمان

وذكر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن بلاده المجاورة لسورية نأت بنفسها "عن التداعيات السلبية لهذه الأحداث حرصا منها على المحافظة على استقرار لبنان ووحدته الوطنية". ودعا إلى "حل سياسي ومتوافق عليه للأزمة السورية انطلاقا من جوهر المبادرة العربية بما يسمح بوقف كل أشكال العنف وتحقيق الإصلاح والعبور إلى ما يريده السوريون من ديمقراطية".

وحذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في القمة من أن تسليح طرفي الأزمة السورية سيؤدي إلى "حروب إقليمية ودولية بالإنابة في سورية". وقال إن "خيار تزويد طرفي الصراع بالسلاح سيجهز الأرضية المناسبة للتدخل العسكري الأجنبي في سورية ما يؤدي إلى انتهاك سيادة دولة عربية شقيقة". واعتبر أن "المسؤولية التاريخية والأخلاقية تحتم علينا جميعا العمل على تطويق أعمال العنف ومحاصرة النار المشتعلة في سورية والضغط على طرفي الصراع وصولا إلى الحوار الوطني الذي نعتقد أنه الخيار الأسلم لحل الأزمة". ودعا إلى "مفاوضات برعاية الجامعة العربية والأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تهيئ لانتخابات حرة ونزيهة" في سورية. وفي موازاة ذلك، حذر المالكي من إمكانية أن يحصل تنظيم القاعدة على "أوكار جديدة" في دول عربية تشهد تغيرات.

وفي كلمته أمام القمة دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دعم القدس والسلطة الفلسطينية قائلا "يجب العمل على إيجاد حالة تواصل دائم مع القدس وأهلها وإخراجها من عزلتها، التواصل مع القدس وليس تحريم زيارتها، فلا يوجد هناك نصوص في القرآن أو السنة، ولم يحصل في التاريخ أن مفتيا أو قاضيا أو رجل دين، حرم زيارة القدس، فكيف نحرمها؟". وأضاف "في صدارة مشهد الصراع تقف قضية القدس بوصفها الأكثر حساسية في نضالنا للاستقلال، فهي الأكثر تعرضا لعدوان الاحتلال وممارساته العنصرية الهادفة لإزالة الطابع العربي والإسلامي والمسيحي في المدينة سعيا لتهويدها وتكريسها عاصمة للاحتلال عبر دفع المواطنين الفلسطينيين إلى مغادرتها من خلال إرهابهم بالضرائب العقابية وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي وسحب الهويات".


سورية في القمة

• مصطفى عبدالجليل: قلقون حيال مشاهد الإبادة والتعذيب التي يرتكبها النظام السوري.

• طالباني: نؤكد على الحل السلمي للأزمة من خلال الجامعة وجهود الوسطاء الدوليين.

• العربي: لم تصل الجهود العربية ولا الدولية المبذولة إلى مبتغاها.

• بان كي مون: العالم ينتظر من الأسد ترجمة الالتزامات إلى فعل.

• أمير الكويت :إطالة أمد الأزمة السورية لا يسهم إلا في تعقيدها.

• المرزوقي: الخيار اليمني.

• سليمان وسياسة النأي بالنفس.