قبل 22 عاما، استضافت بغداد قمة عربية خاطب فيها الرئيس السابق صدام حسين بتعال ضيوفه وقام بعد شهرين بغزو الكويت، واليوم يبدو طيف الديكتاتور حاضرا في القمة عبر تاريخه السياسي الطويل والحافل. وعقد القادة العرب قمتهم في قلب عاصمة عدو سابق، ولعلهم بدخولهم إليها عبر طريق مطار بغداد قرب المكان الذي بقي صدام حسين معتقلا فيه منذ نهاية 2003 وحتى إعدامه في نهاية 2006، يتعالون عليه بدورهم بعد أكثر من عقدين من الزمن.

ولا يبرز من هذه الطريق خلف أشجار النخيل إلا قبب القصور العملاقة الكثيرة التي تعكس شخصية صدام المتهم بجنون العظمة، وهذا ينطبق أيضا على القصر الجمهوري الذي جدده ووسعه ليصبح أحد ابرز رموز سلطته التي امتدت لأكثر من عقدين. وبعض هذه القصور بنيت في الأساس ليسكن فيها القادة العرب خلال القمم العربية. واستضاف القصر الجمهوري الدورة الـ23 للقمة العربية، وهو كان خلال السنوات الماضية مقرا للقوات الأميركية.

وقبل وصول القادة والوزراء إلى القصر الجمهوري، لا شك أنهم لمحوا عند دخولهم المنطقة الخضراء المحصنة نصب قوس النصر المكون من سيفين عملاقين صممهما صدام لساحة الاحتفالات العسكرية، وهو من النصب العسكرية القليلة المتبقية من زمنه. ويرمز هذا النصب لـ"انتصار العراق" على إيران في الثمانينات، عندما كان لا يزال حليفا للعرب.

وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري للصحافيين في القصر الجمهوري الذي بات يعرف بالقصر الحكومي "هذا القصر الذي نحن فيه هو قصر صدام الذي خطط فيه لغزو الكويت". وتوقف عن الكلام لبرهة ثم قال "سبحان الله"، معلنا مشاركة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في القمة ضمن "زيارة تاريخية".

وقال دبلوماسي عربي شارك في اجتماعات قمة بغداد عام 1990، وكانت قمة طارئة، "كان صدام متوترا في تلك القمة". وأضاف أن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد لم يحضر حينها "لأنه كان لديه شك بأن صدام يريد استخدام القمة لأهداف معينة لم يكشف عنها، ومن تلك اللحظة كان قد بيت العزم على احتلال الكويت". وأشار إلى أن قمة بغداد السابقة "كانت قمة أراد فيها صدام تثبيت زعامته العربية". أما اليوم فيسعى عراق ما بعد صدام حسين إلى العودة إلى الحضن العربي وإلى استعادة دور إقليمي مفقود بسبب سنوات الحرب والعنف الطائفي. واذا كان هناك ما يعزي صدام حيثما هو، فهو أن معظم أنداده في عام 1990 رحلوا مثله سواء توفوا او أطاحهم الربيع العربي.