تعيش المملكة نقلة حضارية وثقافية في شتى مجالات ومناحي الحياة، وعلى مستوى النهضة العلمية والفكرية والثقافية بصورة عامة، والتي أصبحت محل ثناء وتقدير لكثير من النقاد والباحثين.
والمسرح أحد روافد الثقافة المهتمة بالنهوض بجوانب الوعي الثقافي والفكري، وتأثيره واضح على المجتمعات المتحضرة، بدايات المسرح في السعودية تعود إلى عام 1932 على يد عدد من الأدباء على سبيل المثال لا الحصر منهم أحمد باكثير وحسين السراج وعصام خوقير. والمسرح السعودي الحديث يجب أن يواكب التطور الحاصل في كافة مجالات الحياة ويقوم بدوره الريادي، فنحن الآن بحاجة ماسة إلى زيادة الوعي بأهمية ودور المسرح الاجتماعي الذي يعتبره المختصون سيد الفنون.
فالمسرح هو أحد الأنظمة الثقافية، التي تستمد مكوناتها من المنظومة الاجتماعية. وقد تعايشنا وكان الانطباع الأول عن المسرح في رأي الكثير فنا وافدا إلى البلاد العربية من أوروبا وبنينا تعاملنا معه من هذا المنطلق، رغم ما يقدمه من فوائد عدة مثل المتعة الفنية، وأيضا انتقاد أو معالجة ظاهرة واقعية معينة أو تسليط الضوء عليها، ودوره الواضح أيضا في التوعية والتثقيف.
نجد أن بدايات المسرح لدينا كانت متأثرة بالمعتقدات الدينية مثل الحرص على النظام وترسيخ وتعزيز الارتباط بالقيم الدينية والأخلاقية. وتأكيد انتماء الفرد للمجموعة ومن سار في ركابها بل إن العديد من مكونات ومفاهيم العمل المسرحي كان الصراع والبطل وغيرها تحت مفاهيم دينية، حتى تم تطور العملية إلى فن التمثيل أو الدراما.
فالمسرح في السعودية لا يزال بحاجة إلى اهتمام ودعم مادي وأن يكون نشاطا ممنهجا له صفة الدوام والاستمرارية، ليس كما يحدث الآن بأن يكون مرتبطا ببعض المناسبات والأنشطة الاحتفالية. وأيضا إزالة العراقيل التي توضع من بعض من لا يدرك أهميته ودوره التثقيفي والتوعوي، وما تعتري صورته في بعض الأذهان من خلط وضبابية وتشويه.
المسرح كثقافة متحضرة يجب أن يقوم بدوره الفاعل في معالجة المشاكل الاجتماعية ووضع الحلول التربوية السليمة لها، واستغلال الطاقات الشبابية المهدرة وشغلهم بما يستوعب طاقاتهم ويشبع غرورهم، والحث على المشاركة الفعالة في الارتقاء بالمجتمع، فدعوا المسرح يقوم بدوره في نشر القيم والأخلاق الفاضلة.