يبدو أنّ بلدية محافظة خميس مشيط اعتقدت خاطئة أنها انتهت من سفلتة ورصف جميع شوارع المحافظة ولم يتبق سوى العودة لتكسير الحاجز الخرساني في طريق الملك فهد الرابط بين مدينتي أبها وخميس مشيط.
وبكل صدق فهذا الحاجز الخرساني وبما يحتويه من أشجار يمثل لوحة فنية رائعة ممتدة على طول يبلغ الثلاثين كيلا ونفّذ بطريقة هندسية جيدة ولأكثر من هدف في آن واحد. وقد وظفت الشؤون البلدية والقروية في عسير سابقا هذا الفاصل الخرساني أجمل توظيف أثمر سلسلة متصلة على طول الطريق من أشجار الفيكس الرائعة والجميلة، إضافة إلى تمديد شبكة الري وبشكل آمن داخل هذا المسار. ومن الممكن أن نطلق عليه مسار خدمات وحماية. والجميل في هذا السياج الخرساني أنّه لم يكلف البلدية ريالا واحدا للصيانة أو الطلاء منذ إنشائه، بل بقي صابرا صامتا وشاهدا على جودة مشاريع زمان.
ما قامت به البلدية أخيرا يمثل نسفا لجميع الجهود المبذولة في هذا الطريق الحيوي وخاصة القسم التابع للبلدية، مما يعكس بشكل جلي تبذيرا للمال العام وعدم وجود رؤية هندسية للعاملين في البلدية. حجم التدمير للأشجار يوحي بأنّ البلدية رأت في هذا السياج الخرساني عدوا لها لم يمكنها خلال عشرين عاما من ترسية أي مشاريع له.
ما تريده البلدية هو مشروع حالي لتبديل الحاجز الخرساني إلى "بردورات"، ومشروع آخر لتغيير شبكة المياه لري الأشجار ومشروع لتغيير الأشجار الجميلة، ومشروع آخر لطلاء هذه "البردورات"، وبعد مرور ثلاث أو أربع سنوات تزيل هذه "البردورات" ومشاريع أخرى مماثلة لما سبق.
أرى في هذا عبثا ماليا واضحا، وتدميرا بيئيا لهذه الثروة. وأتمنى من بلدية خميس مشيط أن تتأمل أمانة منطقة عسير ومدى عنايتها بالجزء التابع لها من هذه الأشجار وأن توقف هذا العبث بمشاريع وطننا وأجزم أنها ـ أي البلدية ـ ستجد أكثر من موقع لهذه المشاريع.
د. حمود أبوظهير
جامعة الملك خالد