تعذيب الأطفال الفلسطينيين المعتقلين لدى الجيش الإسرائيلي أمر روتيني، وهناك هيئتان رسميتان جديدتان للتحقيق – إحداهما لجنة تابعة للأمم المتحدة والأخرى ممولة من قبل وزارة الخارجية البريطانية - تقدم تفاصيل تثبت أن ذلك يحدث في الأراضي المحتلة.

السفير باليثا كوهونا، رئيس اللجنة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وهو سفير سيريلانكا في الأمم المتحدة، أصدر إدانة حادة لأجهزة الأمن الإسرائيلية بسب الإساءة للأطفال الفلسطينيين. في بيان أرسله للصحفيين، انتقد السفير كوهونا واللجنة بشدة الممارسات الإسرائيلية ووصفها بأنها "غير مقبولة".

وأضاف التقرير "يتم تطويق بيوت الأطفال بالجنود الإسرائيليين في وقت متأخر من الليل، القنابل الصوتية تطلق على البيوت، البيوت تكسر، العيارات النارية تطلق، ولا يتم تقديم مذكرات قضائية. إسرائيل تستخدم الحبس الانفرادي ضد 12% من المعتقلين الفلسطينيين الأطفال. هذا مقلق بشكل خاص عندما نعلم أن إسرائيل تعتقل بين 500-700 طفل فلسطيني كل عام. شهود عيان أخبروا اللجنة أن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين تبدأ من لحظة الاعتقال. ...".

وأضاف السفير كوهانا: "سجن أعداد كبيرة من الفلسطينيين؛ الهدم الروتيني للمنازل وتهجير الفلسطينيين؛ انتشار العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين؛ والحصار والاعتماد الناتج عن ذلك على التهريب غير الشرعي للاستمرار؛ هذه الممارسات ترقى إلى استراتيجية إما لإجبار الشعب الفلسطيني لترك أراضيهم أو تهميشهم بهدف إقامة نظام من الاضطهاد الدائم....

"اللجنة الأممية الخاصة لم يسمح لها مطلقا بزيارة إسرائيل لأن إسرائيل تتبع سياسة بعدم التعاون مع اللجنة."

لكن مهما حاول نتنياهو ومساعدوه فإنهم لن يستطيعوا إخفاء الحقيقة، فقد ذهب محققون آخرون إلى إسرائيل، وهناك تقرير يونيو 2012 بعنوان "الأطفال قيد الاعتقال العسكري" يهز المؤسسات في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، اثنان من أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل. التقرير من إعداد مجموعة من المحامين البريطانيين تم تمويلهم من قبل وزارة الخارجية البريطانية؛ وقد ألمحت الحكومة البريطانية أنها ستضغط على إسرائيل بخصوص الإساءة إلى الأطفال.

لكن جريمة إسرائيل ليست فقط في المعاملة القاسية، فبذريعة تطبيق القانون نجد إسرائيل تنتهك ميثاق الأمم المتحدة حول حقوق الطفل، الذي وقعته إسرائيل في 1991. كما هو الحال مع جميع اتفاقيات الأمم المتحدة، ينتقي النظام الإسرائيلي ما يناسبه للتظاهر ويتجاهل ما يشاء أن يتجاهله. النظام القانوني المعقد الذي يفرض القانون المدني في إسرائيل والاعتقال العسكري في المناطق المحتلة يسمح بالتعذيب والإساءة. في ختام التقرير، تقول اللجنة البريطانية إن مدعيا عاما عسكريا إسرائيليا قال لهم إنه يعتقد أن "كل طفل فلسطيني هو إرهابي محتمل". وعلقت اللجنة أن مثل هذا الموقف "يبدو لنا نقطة البداية لدوامة من الظلم، وهي دوامة لا تستطيع سوى إسرائيل، باعتبارها قوة الاحتلال في الضفة الغربية، أن تعكسها".

لا يمكن لأي مقال أو موجز قصير أن ينصف المعلومات الثرية التي يحتويها تقرير المحامين البريطانيين، وفي التقرير الآخر الأطول بعنوان "مقيد، معصوب العينين، ومدان،" والذي أصدرته لجنة الدفاع الدولي عن الطفل في أبريل 2012.

هذه التقارير يجب أن يقرأها نشطاء حقوق الإنسان والمسؤولون المنتخبون في جميع الدول "المتحضرة." في انتهاك واضح لميثاق حقوق الطفل، هناك معياران مختلفان للقوانين والمعاملة: ليس هناك طفل إسرائيلي يحتك مع الجهاز العسكري الإسرائيلي. الأطفال الفلسطينيون في الأراضي المحتلة يمكن اعتقالهم دون السماح لهم بالوصول إلى محام لمدة 90 يوما، ولكن بالنسبة للأطفال الإسرائيليين، الفترة القصوى هي 48 ساعة مع محام؛ بالنسبة للفلسطينيين، أقصى فترة توقيف دون توجيه اتهام هي 188 يوما، ولكن للأطفال الإسرائيليين الفترة القصوى هي 40 يوما؛ بالنسبة للأطفال الفلسطينيين، بعد توجيه الاتهام لهم رسميا، يمكن توقيفهم لمدة سنتين قبل محاكمتهم، ولكن بالنسبة للأطـفال الإسرائيليين، يجب أن تجري المحاكمة خلال 6 أشهر.

الفيلسوف العظيم سقراط قال في كتابه الشهير "الجمهورية" إن العدالة حق غير قابل للتصرف موجود في داخل الكون. أعداء سقراط أصروا أن العدالة ليست سوى اختراع من قبل الأقوياء يهدف إلى تهدئة جموع الناس وإبقائهم تحت السيطرة من خلال إبقاء الأمل الكاذب حيا لديهم. لكن سقراط أثبت أن التعذيب والأكاذيب يتحولان إلى وحش، ومن يعذبون الأطفال هم أسوأ أنواع الوحوش. حان الوقت لفرض حقوق الأطفال لفلسطين والفلسطينيين.