في ظل غياب التأثير الكبير لمنظمات المجتمع المدني في جميع دول العالم الإسلامي، يبقى الداعية أو المرجع الديني أهم عامل مساعد لبعض السياسيين في الوصول إلى عامة الناس، لنشر أي فكرة أو توجه يخدم الصالح العام، سواء على مستوى الدولة نفسها أو على مستوى الأمة بشكل عام.
ولعل أقرب دليل على ذلك ما نشاهده من تحول كبير في برامج التلفزيون السوري، الذي بدأ يعطي مساحات كبيرة لـ"مراجع دينية" تسير وفق هواه وتزين له القتل والتدمير، في محاولة إشاعة فكرة أن ذلك القتل هو "حماية للوطن"، بل وتطرف بعضهم، ليزعم أنه أمر مشروع وفيه دفاع عن الدين، مع أن الجميع يعرف أن ذكر الدين كان من المحرمات في وسائل الإعلام السورية إلى ما قبل الثورة الحالية.
لا أريد الاستطراد كثيرا في الحديث عن نظرية استخدام الدين واستغلال الأفكار الأيديولوجية في أوقات الأزمات، فهذا حديث طويل ومتشعب بل إن أعتى الدول العلمانية كفرنسا وغيرها من الدول الغربية، لا تتورع في توظيفه حسب الظروف وإن لزم الأمر. ولكن ما أود الإشارة إليه هنا هو موقف الكثير من علماء العالم الإسلامي، خاصة المؤثرين منهم وأصحاب "الجماهير العريضة" من دعوات ميثاق مكة لنبذ التعصب المذهبي، واقتراح خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب الذي لقي قبولا كبيرا على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية. فالعجيب أننا لم نسمع أو نقرأ من هؤلاء أي موقف واضح، مع أن المفترض بعالم الدين أن يكون في مقدمة الصفوف، عندما يتعلق الأمر بدعوات الوحدة ونبذ التعصب والعنصرية والمذهبية، فهو أكثر البشر معرفة بمعنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التي تجتمع عليها جميع الطوائف الإسلامية، وربما تختلف فيما دونها من تفاصيل. الخطر أن يكون هؤلاء الذين عرفوا بالعزف على أوتار الطائفية لكسب "الجماهير" وزيادة المتابعين في "تويتر" و"فيس بوك"، خائفين من فقدان هذه "الجماهير" إن رجعوا للحق وساعدوا على درء الفنتن.